Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

مُعلّقات الإعلام

بضاعة مُزجاة

A A
لا يضرُّ شيئاً مثلما يضرُّه أن يُعلَّق، فلا يُبَتُّ بأمر إنهائه سريعاً بما تقتضيه مصلحة الأفراد والمجتمع.. وبالتالي الوطن.

خُذْ مثلاً: بعض القضايا الاجتماعية التي تتضرّر المرأة منها، فلا يُبتُّ في أمر علاقتها مع زوجها الذي يعاملها كالمُعلّقة، لا هي متزوّجة ولا هي مُطلّقة، والحمد لله أنّ محاكم الأحوال الشخصية التفتت لمثل هذا التعليق الجنوني، وسرّعت صدور أحكامه بما لا يضرّ بالمرأة وحياتها وإنسانيتها وكرامتها ومشاعرها الرقيقة.

وفي بداية حياتي المهنية كمهندس مُشرِف على مشروعات حكومية، تعلّمْتُ أن أضع بند «إنهاء المواضيع المُعلّقة» على رأس أجندة البنود التي ستُناقش في اجتماعات المشروعات مع أصحاب القرار والصلاحية من مدير عام أو محافظ أو وزير، إذ لن يُنجز أيّ مشروع، ولن ترتقي جودته، ما لم تُحلّ مواضيعه المُعلّقة التي تضرّ جميع الأطراف، مالك المشروع ومقاوله والاستشاري الخاص به، وكثيراً ما يتمّ اختيار المهندس الأفضل من خلال قدرته على إنهاء المواضيع المُعلّقة بأقصى سرعة ممكنة وقابلة للتحقيق.

من هذا المُنطلق سرّني تعديل وزارة الإعلام لقواعد عمل لجان النظر في مخالفات أحكام نظام المطبوعات والنشر، وإلزام اللجان بسرعة إنهاء الدعاوى الإعلامية خلال ٦٠ يوماً اختصاراً لمُدّة انتظار الدعاوى فترة طويلة قد تصل إلى ١٠ سنوات مُمِلّة وطويلة!.

والإعلام عموماً يضرّه هكذا تعليق لدعاواه، ولا يناسب طبيعته بصفته نشاطاً إنسانياً مُتجدّداً، لا أقول يومياً بل كلّ ساعة ودقيقة وثانية، وهو مشروع في حدّ ذاته يعمل فيه صانع الإعلام والمُتَلَقِّي له وغيرهما من الأطراف، وكثيراً ما تحصل فيه المخالفات والخلافات، وتعليقها دون البتّ بها لسنوات يُزعزع الثقة في الإعلام ويُجرّده من المصداقية بنسبة غير لائقة، ويُفقده الكثير من الهيبة والاحترام. وقد أحسنت الوزارة بتعديل قواعد عمل اللجان، وكم أتمنّى أن تُرافِق التسريع الزمني شفافية لا مُتناهية تضع الجمهور في موقع المُطَّلِع الفوري على تفاصيل الدعاوى، والمشاركة فيها بفعالية وتأثير بالغ ووجدانية، فنحن في عصر المعلومة الإلكترونية الأسرع من الصوت، بل حتّى من الضوء، ولا نجاح لأيّ إعلام إلّا بالسرعة والمصداقية في البتّ بقضاياه الكثيرة والمُتنوّعة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store