Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

نذر الحرب الباردة تستعيد قوتها!

A A
عادت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا تظهر على السطح مرة أخرى؛ بعد اتهام الطرفين بعضهما البعض بخرق المعاهدة التي تمَّت عام 1987، والتي وقَّع عليها الرئيسان السوفيتي ميخائيل غورباتشوف والأمريكي رونالد ريجان، والتي تنص على الحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، وتعهدا فيها بعدم صنع أو تجريب أو نشر أي صواريخ باليستية أو مجنحة أو متوسطة، مع تدمير كافة منظومات الصواريخ، وتم تنفيذ المعاهدة بشكلٍ كامل عام 1991، حيث دمَّر الاتحاد السوفيتي 1792 صاروخاً باليستياً ومجنحاً تطلق من الأرض، في حين دمرت الولايات المتحدة الأمريكية 859 صاروخاً.

فقد أعلن الرئيس الأمريكي «ترمب» عن أن بلاده ستنسحب من معاهدة الأسلحة النووية الموقّعة مع روسيا بسبب انتهاك روسيا لها بنظامها الصاروخي الجديد، وجاء رد الرئيس الروسي «بوتين» صاعقاً، حيثُ قرر هو الآخر تعليق التزام موسكو بالمعاهدة، متّهماً واشنطن بالعمل على تقويض المعاهدة التي تُشكِّل ركناً أساسياً في الأمن الاستراتيجي في أوروبا، فالرئيس ترمب يبدو أنه ارتكز على تقارير من مخابراته، إضافةً إلى تقرير (الناتو) 2015 الذي جاء فيه، بأن روسيا تعمل على تطوير قدراتها العسكرية، ووصلت لمستوياتٍ مُتقدِّمة لم تحدث حتى في ذروة الحرب الباردة، كما ارتكز على تصريحات لبوتين في برنامجه لخوض الانتخابات الروسية الأخيرة التي كشف فيها عن مجموعة من الأسلحة الجديدة، من بينها صاروخ يمكنه أن يصل إلى أي مكان في العالم، مع تطوير صاروخ كروز الجديد، وصفه بأنه لا يقهر.

والروس من جانبهم ينفون انتهاكهم بنود المعاهدة، ويتّهمون الأمريكيين بالخرق، وبتدريبهم لجيوشٍ أوروبية على استخدام السلاح النووي لمهاجمة روسيا، وفي خطاب له في مؤتمر في الأمم المتحدة لنزع السلاح، قال وزير الخارجية الروسي «لافروف» بأن الولايات المتحدة تُقوِّض عملية نزع الأسلحة النووية بنشرها الأسلحة النووية غير الإستراتيجية في القارة الأوروبية.

ليس غريباً أن تُقوِّض هاتان الشخصيتان أي معاهدة تجنح للسلم، للحدَّة التي يتّصفان بها، فهُمَا لا تهمّهما العواقب التي ستنجم عن إبطال أية معاهدة. الرئيس «بوتين» يختلف عن الرئيس الأسبق «جورباتشوف» الذي كان له دور كبير في إنهاء الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة، وفي هدم جدار برلين، وعمل على التنمية الاقتصادية والديمقراطية، والرئيس «ترمب» هو الآخر يختلف عن الرئيس «ريجان» السياسي، الذي لعب دوراً كبيراً أيضاً في وقف سباق التسلح بين الشرق والغرب، وأدار باقتدار محادثات «سولت 1 وسولت 2»، ووقَّع على معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى، هذا التوافق الذي جمع بين الرئيسين السابقين (جورباتشوف وريجان) كيف نُفسِّره؟، ربما لأن بينهما عاملاً مشتركاً وهو (التمثيل)، فجورباتشوف مَثَّل في العديد من الأفلام والوثائقيات، وظهر في إعلان تلفزيوني لمطاعم الوجبات السريعة عام 1997، والرئيس ريجان ممثل معروف، وشغل منصب رئيس نقابة السينمائيين، كما عمل مقدم برامج في التلفزيون.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store