Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

عن تسويق الثقافة!!

A A
• من الأمور اللافتة جداً في شوارع العاصمة الصينية (بكين) وجود مكائن بيع ذاتية لبيع وتسويق الكتب على طريقة بيع المرطبات، وتنتشر هذه المكائن بشكل كبير في محطات انتظار الحافلات ووسائل النقل العامة.. الجميل في الموضوع أن معظم هذه الكتب (السيارة) مدعومة من قبل الحكومة الصينية بحيث يسهل على الشباب شراؤها وقراءتها، وهذه المبادرة التسويقية الجادة هي إحدى مبادرات المشروع الثقافي الصيني الضخم الذي تحدثنا عنه في المقال السابق وقلنا إنه يساهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلي الصيني!.

• دعم الثقافة والفنون؛ ونشر الوعي والتنوير من أهم أسباب التقدم والتحضر لأي دولة، والتجربة المصرية في إثراء الثقافة من خلال ما يسمى بـ( قصور الثقافة) في كل المدن والأرياف المصرية هي تجربة غنية وجديرة بالدراسة والإفادة منها، حيث بدأت تحت مسمى الجامعة الشعبية في العام 1945، ثم تغير اسمها إلى الثقافة الجماهيرية، وأخيراً الى الهيئة العامة لقصور الثقافة، وهي جهة تهدف لتعميم الثقافة وتوجيه الوعي ورعاية المواهب الحقيقية في جميع المحافظات بعيدًا عن مركزية العاصمة والمدن الكبرى.

• تلعب قصور الثقافة دوراً هاماً في تعزيز الثقافة والارتقاء بالمثقف في مصر بدءاً بإصدارها لسلاسل أدبية وفنية متخصصة تضم معظم الفنون خصوصاً ما يتعلق بالدراسات الشعبية والفلكلورية والسير الشعبية، بالإضافة الى معرض سنوي للكتاب منخفض السعر، كما تنظم الهيئة مؤتمراً سنوياً لأدباء مصر، وهو ملتقى يجمع الخبراء من الأدباء بالشبان منهم، ومشروع آخر للنشر الإقليمي يخرج كل عام بمجموعة متميزة من الإبداعات الأدبية المتنوعة لأدباء الأقاليم، من خلال مجلات ثقافية وسلاسل كتب جذابة. ناهيك عن الترجمة، التي تعد إحدى النوافذ الثقافية المهمة.

• كلما اصطدمت في وسائل الاعلام بواحد من المتطفلين الذين يسمون أنفسهم (ستاند اب كوميدي) وغيرهم من مشاهير التواصل الذين اختطفوا المشهد الثقافي وباتوا يقدمون لنا الغثاء على أنه (فن) و(تنوير)، تذكرتُ كم نحن بحاجة الى (قصور ثقافية) تعم مدن المملكة وقراها..تحتضن المواهب وتصقلها من خلال النقد العلمي الصحيح، وتقدمهم للناس بدلاً من مشاهير الغفلة الذين هبطوا بالذوق العام، مما يُحقق الهدف الأكبر للثقافة وهو رفع مستوى الوعي لدى عامة الناس، وإنقاذ المواهب التي كثيراً ما تموت في أماكنها، والإسهام في تنشيط الحركة الأدبية، والثقافية وتقديم أعمال تحمل رؤية وطنية رفيعة وذات قيمة.

• المنتج الثقافي الجيد أصبح بحاجة ماسة الى خطط تسويق قوية، كي يأخذ حصته من سوق أذواق ورغبات الناس، بعد أن فرضت الثقافة الاستهلاكية منتجها الغث وغير السمين على السواد الأعظم منا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store