Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

مهندس الصحة

A A
لقد أكرمنا رب العزة والجلالة بأن نكون ليس فقط من أبناء أطهر البقاع مكة المكرمة، بل ومن المجاورين لبيته المعظم، ففي شارع سيدنا حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنهم أجمعين-على وجه التحديد حيث عبق التاريخ وأصالة الماضي، كنا نقطن على مقربةٍ من الحرمِ المكيِ الشريف. كان الوالد يرحمه الله -كأغلب قاطني ذلك الشارع- يأخذنا معه الى المسجد الحرام لأداء الصلاة جماعة خلف أئمة الحرم المكي الشريف في ذلك الوقت، أصحاب الفضيلة الشيخ أبو السمح والشيخ عبد الله الخليفي والشيخ عبد الله خياط والشيخ محمد السبيل يرحمهم الله جميعاً. ومن المناظر التي لازالت عالقة في أذهاننا منظر أبناء مكة المكرمة وكل واحد منهم بيده مكنسة من سعف النخل وهم يقومون بتنظيف الحرم المكي الشريف بعد نهاية كل صلاة كمهنة مباركة يتوارثها أبناء مكة جيلاً بعد جيل. تذكرت ذلك وأنا أشاهد المركبات الذكية وبأعداد كبيرة، تستخدم في نظافة المسجد الحرام والساحات المحيطة بقيادة بعض من الإخوة الوافدين، ولنا أن نتخيل كم سيكون العدد لو تم إضافة المركبات المستخدمة لنظافة المسجد النبوي الشريف وساحاته. الملاحظ أن هذا النوع من المركبات الذكية تقوم بالتعامل مع النفايات سواء في داخل الحرم أو في الساحات المحيطة به تقنياً ودور العنصر البشري-السائق- فقط في قيادة المركبة وتوجيهها نحو أماكن تجمع النفايات. السؤال الذي يحتاج الى إجابة: ماهي القدرات والمهارات الخارقة التي يجب توفرها لدى أبناء الوطن حتى يستطيعوا قيادة هذه المركبات الذكية؟.

كم تمنيت وغيري لو أن من يقود هذه المركبات من شباب هذا الوطن، خاصة وهناك الكثير من خريجي المعاهد المهنية وكليات التقنية وغيرها من شباب الوطن على أهبة الاستعداد لنيل شرف نظافة أطهر البقاع، مع إمكانية تأهيلهم عن طريق عمل دورات متنوعة لهم في قيادة هذا النوع من المركبات وأنا على يقين أن الإقبال عليها سيكون كبيراً جداً، خاصةً لو تم عمل بعض الحوافز المادية والمعنوية، والأمر ينطبق على العربات الذكية في المطارات وغيرها. وشاهدنا الكثير من المهن التي كان الإقبال عليها شبه معدوم في الماضي مثل العمل في البنوك أو الفنادق وفي الحراسات الأمنية وقيادة الحافلات وغيرها، أصبح الآن يقوم بها شباب الوطن ولله الحمد وبجودة عالية. وللمعلومية عامل النظافة في الدول المتقدمة يحظى بكثير من المزايا، ففي اليابان على سبيل المثال، يسمي عامل النظافة: (مهندس الصحة)، ويحصل على مرتَّب يتراوح بين 5000 الى 8000 دولار شهرياً مع حياة كريمة له ولأسرته، ولكثرة أعداد الراغبين في العمل كمهندس صحي في اليابان، تم وضع اختبارات قبول لا يسمح لأي شخص متقدم للعمل كمهندس صحة قبل أن يجتاز الاختبارات الخطية والشفوية والمقابلات الشخصية.

قال الفيلسوف الفرنسي فولتير: «العمل يبعد عن الإنسان ثلاثة شرور: السأم والرذيلة والحاجة».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store