خبراء: الاختصاصي النفسي «نقلة نوعية» لكشف أبعاد الجريمة

اتفق مختصون على أهمية قرار مجلس الوزراء بحضور اختصاصيين نفسيين واجتماعيين أثناء سماع أقوال المتهمين في قضايا العنف الأسرى مشيرين إلى أن ذلك يعد نقلة نوعية في كشف أبعاد الجريمة وتفعيل المواجهة على مختلف المستويات، وقال الدكتور خالد بن عمر الرديعان -جامعة الملك سعود-: إن حضور الاختصاصيين التحقيقات في قضايا العنف الأسري خطوة مهمة للغاية في الوصول إلى القرار المناسب ومواجهة الخلل الناتج عن الظروف الاجتماعية، واصفًا هذا الملف بالظاهرة المقلقة، بعد أن تم الاعتراف بوجود العنف الأسري كظاهرة مقلقة في مجتمعاتنا قبل عدة سنوات بناء على دراسات ميدانية فإن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أوجدت وحدات للحماية الاجتماعية في جميع مناطق المملكة وفوق ذلك فقد سنَّت الوزارة نظامًا عامًا للحماية من الإيذاء تتكوّن من سبع عشرة مادة رغم وجود بعض الصعوبات التنظيمية والبيروقراطية في تنفيذه وهو ما تعمل الوزارة على معالجته، مؤكدًا أن كل هذه الإجراءات في غاية الأهمية لمعالجة العنف الأسري والحد من تبعاته التي تمس بنية الأسرة والمجتمع.

سد الفجوة

ويرى الرديعان أن القرار تتويج لجهود سابقة وسوف يسدُّ فجوة مهمة في النظام، ويساعد النيابة العامة والجهات العدلية بحيث تكون قراراتها الجزائية تقوم على خلفية كافية تتجاوز الفعل الجنائي إلى الجانب الاجتماعي الذي يحافظ على حقوق الأطراف (المُعنِّف والمُعنَّف) مؤكدًا أن وجود الأخصائي الذي يفترض أن يكون قد درس حالة الأسرة وواقعة العنف وظروفها وملابساتها جيدًا قبل عرضها على النيابة سيكون عونًا للنيابة والمحكمة في إصدار الحكم المناسب بحيث لا تتضرر الأسرة؛ لأن الأخصائي الاجتماعي يضع ذلك في حسبانه ومن ثم يوضح للنيابة والجهة العدلية ظروف الحالة وذلك في تقريره عنها؛ الأمر الذي يساعد في ترشيد قرار القاضي ومتخذي القرار.

المتعرضون للعنف

تقول الدكتورة دلال بنت محمد الحربي -أستاذ الخدمة الاجتماعية المساعد في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية-: يُعد هذا القرار من القرارات الهامة لتفعيل دور الأخصائي الاجتماعي والنفسي، فكما يدرس حالات المتعرضين للعنف أيضًا يدرس ويتعامل مع المتهمين بارتكاب العنف نفسه وذلك من خلال دراسة تاريخ المشكلة والعوامل الاجتماعية التي دعت المتهم لارتكاب العنف لأن معرفة الدوافع الاجتماعية والنفسية وراء العنف الأسري تفيد في التوعية بها والعمل على تجنبها مستقبلاً بل قد يكون المتهم ذاته هو ضحية لعنف وقع عليه من قبل ويحتاج دراسة حالته ومعرفة دواعي ارتكابه للعنف وتضيف الحربي أن وجود أي من الأخصائي الاجتماعي أو النفسي أثناء مساءلة المتهم يُسهم بشكل كبير في توضيح جوانب الجرم المرتكب بما يكفل التوصل لسبب وقوع العنف وهي أسباب قد تخفى على المحقق القانوني كما تساعد في وضع الخطط العلاجية بما يتفق مع القوانين المنصوص عليها ضمن قرار مجلس الوزراء.

سيعزز الحماية الاجتماعية لأفراد الأسرة واحترام الإنسان

وتقول الدكتورة أميرة أحمد محمد -أستاذ علم النفس المساعد-: يُعد القرار من أهم مظاهر عزم الحكومة السعودية على احترام مكانة الإنسان، والقضاء على أنواع التمييز كلّها، فالأسرة الآمنة المطمئنة التي تقوم على الشراكة الواعية، وعلى ما دعا إليه الإسلام من مودة ورحمة واحترام، هي السبيل في تمهيد سبل التنشئة الصحيحة، وتعزيز الحماية الاجتماعية لأفراد الأسرة، حيث إن المعلومات التي يقدمها الأخصائي ستسهم في اتخاذ القرار المبني على أسس علمية وأضافت الدكتورة أميرة أن العنف الأسري له عدة أشكال منها الاعتداء الجسدي أو التهديد النفسي أو الاعتداء الجنسي أو الاعتداء العاطفي والسيطرة أو الاستبداد أو التخويف، أو الملاحقة والمطاردة، أو الاعتداء السلبي الخفي كالإهمال، أو الحرمان الاقتصادي، وقد يصاحب العنف الأسري حالات مرضية كإدمان الكحول والأمراض العقلية، مشيرةً إلى أن التفكك الأسري والأمراض النفسية والطلاق من أهم أسباب العنف الأسري والذي يمثل تهديدًا خطيرًا للكثير من النساء والأطفال وله علامات قد تكون واضحة أو غامضة ويجب التعامل معه بطريقة جدية وعلمية.

لفت نظر المجتمع لأدوار مهمة مغيبة

ويشير الرديعان إلى جانب آخر مهم في القرار يهمنا معشر المتخصصين في علم الاجتماع وعلم النفس والخدمة الاجتماعية وهو أن هذا القرار يعد بمثابة اعتراف رسمي ومن أعلى هرم في الدولة بأن مهنة الأخصائي الاجتماعي أساسية وأنه يفترض عدم تغييبها لما لها من دور أساسي في معالجة الكثير من المشكلات الأسرية والاجتماعية، مضيفًا: إن القرار ومن جانب آخر سيخلق فرصًا وظيفية ممتازة لخريجي وخريجات أقسام علم الاجتماع والنفس والخدمة الاجتماعية الذين يواجهون صعوبات جمَّة في الحصول على عمل في مجال تخصصاتهم.