Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

المبررات الضرورية لدعم الصحف الورقية

A A
أزمة مالية حقيقية تمرّ بها حالياً صحفنا الورقية، إذ بعد إنفاقها لمئات الملايين على إنشاء مطابع جديدة، أو تحديثها لمطابعها القديمة، واستقطابها لموارد بشرية، وكلّ ذلك تمّ بديون بنكية كبيرة، فوجئت بخسارة مُدويِّة لنسخها الورقية في نواحي التوزيع، وجلْب الإعلانات التجارية، أو حتّى إقبال الناس عليها، أمام كلّ ما هو إلكتروني، سواءً كان صحيفة أو قناة تلفزيونية أو موقعاً أو وسيلة تواصل اجتماعي وغيرها!.

وحقاً قد خذلها الورق، ورفع راية الاستسلام أمام خصومه الأقوياء، والله وحده أعلم بمصيرها في ظلّ هذه الظروف الصعبة!.

وحتماً كان تفكير الناس هو توفير رياليْن جرّاء شراء نسخة صحيفة ورقية بينما في وُسْعِهِم تلقّي الأخبار والرأي والمعلومات مجّاناً بامتطاء صهوة العربة الإلكترونية، وبالمناسبة هذا تفكير غير دقيق، فالريالان اليوميْان المُوفّرَان هما أقلّ من تكلفة الكهرباء والإنترنت اليومية التي يتحمّلها الناس في العالم الإلكتروني، والذي لا يُصدّقني «يجيب كالكوليتور ويحسبها»، ولكن لأنّ هذه التكلفة غير مباشرة، فيبدو الموضوع وكأنّه توفير، وهو توفير زائف، فضلاً عن تكلفة الأجهزة الإلكترونية التي تُحرّك العربة، ممّا لو قسَّمناها على عدد أيام السنة فقد تفوق قيمة الاشتراك في النسخة الورقية اليومية لأيّ صحيفة، مع عدم إغفال التأثير الصحي السلبي الذي ينتج عن استخدام الأجهزة الإلكترونية عضوياً ونفسياً، وطرده للاسترخاء الحاصل مع الورق.. صاحبنا القديم النديم!.

وأنا هنا حيادي، ولا أتربّح من الصحافة الورقية إلّا من باب اتخاذها منصّة موثوقة لتدوين رأيي المتواضع أكثر من غيرها، ومن الأفضل ألّا يُنظر لمؤسّسات الصحف الورقية بأنّها مُؤسّسات تجارية بحْتة، وألّا تُعامل مثل غيرها من المؤسّسات التجارية من ناحية عدم استحقاقها للدعم المحلي سواء كان حكومياً أو أهلياً، فإن كان العامل المشترك بين كافّة المؤسّسات هو التجارة، لكنّ بضاعة المؤسّسات الصحفية، وهي الفِكْر، يصعب تحقيق الربح منها، عكس بضائع المؤسّسات التجارية التقليدية الكثيرة والمُتنوّعة وذات الربح المالي المضمون، وهنا يحضرني تشبيه بين المُؤسّسات الصحفية وبين المُولات، إذ كلّها تعرض في فترينات محلّاتها بضائع، لكنّ المُؤسّسات تخسر والمُولات تربح، وهذا يدعوني لاقتراح عدم تصنيف المُؤسّسات الصحفية كمُؤسّسات تجارية خالصة، فضلاً عن الخدمة الأعظم التي تقدّمها المؤسّسات الصحفية للوطن مقارنة بالمؤسّسات التجارية التي وإن كانت تخدم الاقتصاد لكنّها مُؤسّسات فردية يُجيّر ربحُها لأفراد، بينما المُؤسّسات الصحفية يُشهد لها أنّها لم تدّخر جُهداً إلّا بذلته لصالح الوطن، وهي خطّ دفاع عنه، في وقت يحتاجان هما لبعضهما البعض، فهل من دعم حقيقي لهذه المُؤسّسات العريقة؟ على الأقلّ حتّى تتجاوز محنتها، وتنتقل إلى العالم الإلكتروني سالمة وغانمة، ولا أجد أحقّ منها في هذا الدعم النبيل!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store