Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. ياسين عبدالرحمن الجفري

الحوكمة ومعضلة القرن Paradox

A A
عند الحديث مع مختلف الجهات الرسمية المُنظّمة داخل أسواق المال، وفي كل أنحاء العالم، يبرز لنا موضوع الحوكمة، وكأنه المعضلة الرئيسيّة لمنع الاستغلال، وضمان الكفاءة التشغيلية، ودعم وتحسين الأداء في الشركات، وبالتالي أسواق المال. وأصبحت الآن الشغل الشاغل لمختلف الجهات المنظمة، وزاوية أساسية في التشريع، وكأنها معضلة القرن. وعلى الرغم من أن أول حدث لها كان في نهاية القرن الماضي، وأبرزها على الساحة، ولكن لم يستطع العالم أن يتجاوزها، أو يمنع حدوثها مع نهاية العقد الأول من القرن الحالي، والانهيار الكبير في أسواق المال. حيث حدثت تجاوزات أضخم وضرر أوسع، ولَم تستطع الجهات المنظمة أن تتعرَّف عليها، أو تتعامل معها، وتحد من حدوثها. مع أنها منحصرة في زوايا محددة، ويمكن التعامل معها إجرائياً، مما يدعونا للتساؤل حول جدوى أسلوبنا الحالي في التعامل معها. فعلى الرغم من تكوين لجان، وتوفُّر المُرَاجِع الخارجي، وتعيينه من الغالبية، يظل لنطاق العمل وقوة وفعالية وحيادية التدقيق الداخلي أبعاد مؤثرة وفاعلة؛ في ضمان تحجيم الانحرافات، وتحديد الضرر. والسؤال: هل النظام الحالي وفعالية الإجراءات الحالية قادرة على تحجيم المخاطر؟!.. والإجابة هي لا، فالنظام الحالي أخفق في منع الخروقات، وخاصة في عام ٢٠٠٨، أو حتى على مستوى السوق المحلي. وأعتقد أن التفكير خارج الصندوق ضروري هنا لمعالجة هذه المعضلة، ونأمل أن تتركَّز الأبحاث على مدى كفاية النظام الحالي في منع الاستغلال، ورفع الكفاءة التشغيلية. والسؤال الثاني الإستراتيجي، يدور حول: هل نرغب في منع حدوث الاختراقات، أو اكتشاف حدوثها؟!.. لاشك أن الهدف الأساسي الذي يرغب الكل في تحقيقه، هو منع حدوث الاختراق، لأنه يُوفِّر الكثير، ولكن أعتقد أن ذلك شبه مستحيل، لأن التكلفة ستكون مرتفعة، وتتجاوز المنفعة المتوقع حدوثها. ولكن في المقابل فإن اكتشاف الحدوث وبنسبة تصل إلى ١٠٠٪، سيجعل أي توجُّه لإحداث الخروقات أمراً وارداً، لأنه سيُكتَشَف، وسيكون بالتالي هُنَاك تخوُّف من إحداثه. ويبدو أن هناك اعتقاداً أن النظام الحالي لا يستطيع كشف الخروقات بنسبة مرتفعة، لذلك تَحْدُث الخروقات.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store