أصبح المجتمع أكثر صمتاً في ظل ضجيج الأجهزة الذكية؛ بل بات الانضمام للمجتمع الافتراضي أسرع وأكثر متعة من الانخراط في المجتمع الحقيقي الذي يعاني من برودة أطرافه القائمة أساساً على العلاقات الاجتماعية المتعددة والأدوار التكاملية لكل فرد داخل النسق الأكبر.
وفي كثير من الأحيان يلجأ الوالدان إلى اعطاء أطفالهم الأجهزة الذكية بحثاً عن الراحة من ضجيجهم المستمر والذي يكاد الآن لا يُسمَع إلا في حال انقطاع الإتصال بالشبكة أو تعطل الجهاز.. ومن قوة العلاقة الحميمية التي تربط بين الأجهزة والأبناء أصبحت تُستخدم كسلاح تربوي فعّال وذلك عن طريق الحرمان من تلك الأجهزة وهذا يُعد من أقسى أنواع العقوبات الرادعة للأطفال ويُقابل بالاعتذار السريع منهم بعدم تكرار الخطأ خوفاً من ذلك الحرمان القاسي!! فكيف سيقضون يومهم بدونه!!؟ ولكن السؤال الأهم هو.. ماعلاقة الأجهزة الذكية بقدرات أطفالنا العقلية؟
اُجريت العديد من الدراسات لمعرفة العلاقة بين الأجهزة الذكية والقدرات العقلية للإنسان والتي توصلت إلى التأثير القوي للأجهزة الذكية على نسبة ذكاء الانسان.. كإحدى الدراسات العلمية التي اجرتها جامعة تكساس أوستن من قبل مجموعة من الباحثين على عدد ٨٠٠ شخص لمعرفة تأثير الأجهزة الذكية على القدرات العقلية للإنسان وكانت نتيجتها: (الهواتف الذكية تجعل البشر أكثر غباءً)، ونشر موقع ساينس دايلي دراسة عام ٢٠١٧م عن الاكاديمية الأمريكية لطب الأطفال وتوصلت إلى أن الأطفال الذين يستخدمون الأجهزة الذكية قبل السنتين يكونون أكثر عرضة لتأخر مهارات النطق والنمو.
ومن الأمور المدهشة أن بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت الأمريكية العملاقة في مجال التكنولوجيا منع أبناءه من استخدام الأجهزة الذكية قبل سن ١٤ عاماً؛ مشيراً إلى أن اتباع نسق متزن في التعامل مع تلك الأجهزة يساعد الأطفال على النمو بصورة طبيعية.
من المهم للآباء والأمهات معرفة الأوقات المحددة والمناسبة لكل عمر في استخدام الأجهزة الذكية مع مراعاة الرقابة الدائمة لها كونها نافذة مفتوحة على العالم أجمع بمختلف الثقافات والديانات والعقول.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
