Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

ليفرّ من دفع ثمن البنزين.. دهس طفلة بريئة!

A A
قبل أسبوعين أو أقل كنت في عاصمتنا الحبيبة الرياض، وسمعت من ابنة لي وحفيداتي عن حادثة يدمى لها الفؤاد، ويندى لها الجبين ويشيب لها الوليد، تتلخص في أن إحدى زميلاتهن في مدرستهن الخاصة كانت عائدة مع والدتها في الحافلة المدرسية، وتوقفتا عند بقالة في محطة بنزين، وفور نزول الطفلة البريئة (منيرة) من الحافلة، داهمها سائق مجرم بكل ما تعنيه كلمة الإجرام، كان يسير بسرعة جنونية من المحطة ليهرب من دفع ثمن البنزين، فدهسها وقتلها شر قتلة، على مرأى ومسمع من والدتها التي كادت تفقد وعيها من هول المشهد، المروع المفزع، أن تغرق ابنتها في دمائها وتفارق الحياة في دقائق معدودة، والأم عاجزة عن أن تفعل لها أي شيء لتنقذ حياتها، نعم روح طاهرة لطفلة طاهرة تُزهق بوحشية لا يمكن وصفها من أجل ماذا؟ من أجل الهروب بثمن بنزين قد لا يتعدى عشرات قليلة من الريالات. وليس المؤلم فقط فقدان هذه الفتاة الطاهرة لحياتها بثمن بخس، بل المؤلم حقاً أن يصل بعض مواطنينا إلى هذه الدرجة من الخسة والدناءة، وقلة مخافة الله والاستهتار وأكل الحرام والإجرام الفظيع. ولا أعرف كيف يستحل مثل هؤلاء هذا البنزين الذي يسرقونه ويأمنون على أنفسهم وهم يسيّرون عرباتهم بمال حرام، ولا يفكرون بأن الله يمكن أن يمحقهم ويسحقهم بحادث يفنيهم ويفني عرباتهم، ولكن كما قال لي أحد الأصدقاء هؤلاء لا يسرقون البنزين فقط بل يشمونه. إشارة إلى أن كثيراً من هؤلاء المجرمين مدمنو مخدرات، وهذا صحيح، ولعل مقتل (منيرة) رحمها الله وألهم أهلها وذويها الصبر والسلوان، نبَّهنا إلى أمور كثيرة تتصل بآليات دفع ثمن البنزين في المحطات، فمعلوم أننا دون دول العالم أجمع نساعد أمثال هذا المجرم على الفرار بثمن البنزين وتعريض الأطفال وغيرهم للموت دهساً. إذ يطلب سائقو السيارات في كل المحطات من العمال تعبئة السيارة بمبلغ ما مثل أربعين أو خمسين ريالاً، أو حتى ملأها بالكامل، وبعد الانتهاء من تفريغ البنزين يدفع السائق للعامل المبلغ المطلوب، فلماذا لا يكون الدفع قبل تفريغ البنزين، بأن يدفع السائق المبلغ المطلوب ثم تتم التعبئة، وفي حال رغبته في ملء الخزان تماماً، يستلم منه العامل مبلغا عالياً كمائتي ريال مثلاً، ثم يرجع له الباقي، ومن يرفض الدفع المقدم، لا يحصل على البنزين بأي حال من الأحوال. ومعلوم أنه في كل دول العالم يلزم السائق أن يترجل ويتجه إلى المتجر التابع للمحطة ويدفع المبلغ المطلوب ويحدد رقم المضخة التي يملأ منها، ويبرمج العامل تلك المضخة بالمبلغ المطلوب بالضبط، فلا يتمكن أحد من الفرار أو تعبئة بنزين بهللة واحدة زائدة، وفي أمريكا هناك قاعدة لا تختل وقانون صارم لا هوادة فيه: No Pay No License، أي "إن لم تدفع للبنزين تُسحب رخصتك"، والكاميرات تعمل ليل نهار في كل المحطات، وإن تمكن أحدهم من تعبئة البنزين وفرّ دون أن يدفع، تلتقط الكاميرات رقم لوحته، وتُلغى رخصته على الفور، وتُوقع عليه العقوبات المغلظة الأخرى. فلمَ لا يطبق عندنا قانون كهذا في ظل هذه العقوبات الباهظة التي تطبق آلياً على السائقين وتصل إلى حد دفع مبالغ طائلة ما أنزل الله بها من سلطان عقوبة لتظليل السيارة مثلاً الذي لا يعرف أحد على الإطلاق حدوده المسموحة والممنوعة، وإن لم يكن بالإمكان تجهيز إمكانيات الدفع المقدم آلياً، فلا أقل من إجبار السائق على الدفع المقدم للعامل، إضافة إلى ضرورة تزويد كل المحطات بكاميرات مراقبة تعمل ليل نهار لضبط المتهربين من الدفع أو مرتكبي أي تجاوزات أو جرائم أخرى.
أما المجرم القاتل الجاني الذي قتل الطفلة منيرة بأبشع صورة أمام والدتها، فلا أقل -في تقديري- من إنزال أقصى العقوبة بحقه التي لا تقل عن عقوبة القتل العمد لفظاعة ما ارتكبه من جرم تقشعر منه الأبدان. وبدونها سيستمر الآخرون في ارتكاب هذه الجرائم المروعة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store