Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

ساهر: أضيفوا الرحمة إلى العدل!!

A A
ممّا لا شكّ فيه أنّه كان لعفوية وابتسامة المبتعثة السعودية في أمريكا، تهاني المنيع، وحُسْن دفاعها عن نفسها بعد اقترافها لعدّة مخالفات مرورية، في حضرة القاضي الأمريكي فرانك كابريو، الدور الأكبر في إعفائها من الغرامات المالية، وتحوّلها لنجمة تسعى القنوات التلفزيونية السعودية لإجراء المقابلات معها وإبرازها أمام العالمين!.

لكن بالتوازي لا يمكن إغفال دور القاضي الذي يُطلق عليه هناك لقب «القاضي الرحيم»، لنجاحه الباهر في تحويل منصّته القضائية من منصّة تأديب وعقاب إلى منصّة عدل ورحمة، فهو يعامل المُخالِفين لأنظمة المرور بطريقة إنسانية رائعة، ويظلّ يتحقّق خلال المحاكمات عن ظروف وأسباب اقترافهم للمخالفات، وعن مشكلات حياتهم الاجتماعية والمهنية، ومدى إمكانية حصول أخطاء عند رصد مخالفاتهم، مع إلزام مسئول المرور في مدينته بحضور المحاكمة لسماع رأيه والرأي الآخر، لعلّه يجد مُسوِّغاً لإعفائهم من الغرامات أو تخفيضها أو الاضطرار لتطبيق العقوبات بحذافيرها لاستحقاقهم لها وِفْق القانون، وهو يؤمن أنّ العدل والرحمة صنوان لا يفترقان، رغم أنّه يجد معارضة كبيرة من مُشرِّعي ولايته لأنّه يحرمها من دخل مالي كبير بسبب كثرة إعفاءاته وتخفيضاته للمخالفين!.

وبالمناسبة، فإنّ كابريو تجاوز الثمانين من عمره، وهذا سنّ الحكمة، ولم يُقعّد عن العمل لِكِبَرِ سِنّه، كما أنّه ابن مهاجر إيطالي هاجر إلى أمريكا تقريباً في زمن هجرة الكثير من عصابات جزيرة صقليّة الإيطالية إليها، والمعروفة بالمافيا، وشتّان ما بينه وما بين جيل من مجرمي هذه العصابة التي عاثت في الأرض الأمريكية فساداً، واشترت ذمم الكثير من قُضاة المحاكم الأمريكية ليُصبحوا مُتمرِّسين في الظلم والقسوة والفساد!.

وتبقى تجربة تهاني المنيع خالدة في ذاكرتها، فما المانع أن نستفيد من تجربة هذا القاضي؟ بتجريد نظامنا المروري الساهر من جموده الحديدي، وجعله مساعداً باراً لإدارة المرور، لا حكماً وخصماً للمخالفين، والتقرّب لهؤلاء بإضافة الرحمة إلى العدل، فكثيرٌ من المخالفين يستحقّونها، وكم من رحمة جعلت مخالفاً يهجر المخالفات، وكم من عقوبة جعلته عنيداً مُدمِناً للمخالفات، عنها غير مرتدع!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store