Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

قصتي مع حرف الضاد!!

بضاعة مزجاة

A A
بصراحة، لا أحبّ حرف «الضاد»، وحالتي هذه ليست وليدة اليوم، بل بدأت منذ حقبة الطفولة الشقية في مدينة الطائف، التي كانت بالمناسبة قِبلة السياحة الشتوية والصيفية للسعوديين، فهجرها السعوديون إلى جدّة ودبيّ واسطنبول.. إلخ إلخ!.

ولا أعرف سبباً مُحدّداً لحالتي، وكِدْتُ أستشير طبيباً نفسياً بعد أن كبُرْت، لعلّه يكتشف سرّها، غير أنّني استعذتُ بالله من الشيطان الرجيم، وقلتُ لنفسي: يا «واد» اعقل، ولا يتلاعبنّ بك حرفٌ أبجديٌ مفتون، ويقودك لحافّة الجنون!.

وقد يكون السبب مدلول بعض الكلمات البادئة بحرف الضاد، فـ»الضفدع» مثلاً لا أطيقه بنقيقه وعيونه الجاحظة الشبيهة بعيون الديناصور!.

ومثله «الضبّ» الذي أستغرب أن يهوى بعضُنا أكله ويُصنّف كوجبة شهيّة!.

و»الضُرّ» الذي هو المرض العُضال، وكان محور الدعاء المشهور للنبيّ أيوب عليه السلام، إذ قال: «ربِّ إنِّي مسّني الضُرُّ وأنت أرحم الراحمين».

و»الضرس» وألمه الشديد، خصوصاً «ضرس» العقل الذي أقترح تسميته بضرس الجنون!.

و»الضباب» الذي كان يُخيفني كثيراً في صغري عند قِراءاتي لروايات الكاتبة البريطانية الراحلة أجاثا كريستي، وربطها بينه وبين وقوع الجرائم!.

و»الضرب» الذي هو أساس كلّ مشكلة في المحيط الاجتماعي!.

و»الضمير» الذي إذا توقّف عن التأنيب لدى البشر حوّلهم لحيوانات يفترس القويُّ منها الضعيف!.

و»الضعضعة» التي هي الهدم والمذلّة!.

و»الضغن» الذي هو الحقد!.

و»الضنك» الذي هو ضيق المعيشة، وسُمِّيَت حُمّى الضنك به!.

و»الضيم» الذي هو الظلم!.

و»الضلال» الغنيّ عن التعريف!.

و»الضرام» الذي هو النار، كفانا الله منها في الدنيا والآخرة، وغيرها من الكلمات الضادّية!.

وقصّتي مع حرف «الضاد» ما زالت مُستمرّة وتُحكى، إذ ما أشتري أو أبيع شيئاً الآن، سواءً حضورياً أو إلكترونياً، ولا آكل أو أشرب من مطعمٍ أو مقهى، ولا أُسدّد فاتورة خدمات، إلّا يتراقص أمامي صاحبي اللدود حرف الضاد في كلمة «ضرائب»، فمتى أتعافَى من هذه المتلازمة النفسية الحادّة، ويطمئنّ لها قلبي؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store