Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

تنظيم الحشود في الروضة الشريفة

A A
برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -يحفظه الله- وافتتاح صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز، نظَّم معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى الملتقى العلمي التاسع عشر ، بالتعاون مع جامعة طيبة بالمدينة المنورة.. وقد كان الملتقى على قدرٍ عال من التنظيم والإدارة، وحسن الاستقبال والضيافة.

كما أن ما قُدِّم وطُرِح من أوراقِ عمل ودراسات علمية في ست جلسات؛ بالإضافة إلى الملصقات كان غاية في الأهمية. وكانت المحاور تتناول: الدراسات الإنسانية والإعلام، والبيئة والصحة، والمبادرات والجهود في خدمة ضيوف الرحمن، العمران والهندسة، والتقنيات وتطبيقاتها.

ولعلي أركز في مقالي هذا على واحدة من أهم الأوراق التي قُدِّمت لصلتها الوثيقة بالملايين من الحجاج الذين يفدون للمسجد النبوي الشريف وزيارة الروضة والحجرة الشريفة، وقد كانت بعنوان: «تقييم استخدام المسارات في الساحة الجنوبية للمسجد النبوي لتنظيم الحشود وتسهيل الوصول للروضة الشريفة» قدَّمها د. محمد إدريس؛ حيث تعرض الورقة استخدام مسارات في تنظيم الحشود وهي سبع مقترحات؛ منها ما يقوم على مقترحات تحتاج إلى أعمالٍ إنشائية عالية؛ كإزاحة جزء من الجدار العثماني.. أو اقتراح عمل دور ميزانين في مسار الزيارة ومنطقة الروضة الشريفة لزيادة الطاقة الاستيعابية، ويكون الصعود من خلال باب أبي بكر الصديق، والنزول والخروج من باب جبريل.. وهناك أخرى تحتاج إلى مقترحاتٍ إنشائية متوسطة، وأخرى تقوم فقط على أعمال تنظيمية.. ولستُ هنا بصدد توضيح كافة المقترحات، ولكن ما لاحظته التركيز في الدراسة على منطقة باب السلام وباب البقيع، وهي المنطقة الخاصة بدخول وخروج حشود الرجال.

ونظراً لما عانيته وتُعانيه المسلمات في الدخول للروضة الشريفة، فقد استغربتُ أن لا تشمل الدراسة (باب عثمان)، وهو منطقة دخول النساء وأخذها في الاعتبار، فإن ما يحدث من تكدُّس للدخول للروضة الشريفة وتدافُع، وانطلاق للحشد النسائي كالسيل الجارف؛ والذي يُعرِّض الزائرات للخطر، يستوجب عمل دراسات علمية لتنظيم دخول الحشود النسائية؛ فهذه المنطقة أصبحت عصية على الطمأنينة التي تتطلبها العبادة.

مع إن دخول هذه البقعة الطاهرة، والتي قال عنها الرسول الكريم: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة»، يتطلب من المؤمن استشعار عظمة المكان.. فكيف يكون في الجنة وهو يلهث من التعب والنصب للوصول إلى هذه المنطقة؟.

كما أن الدخول على رسول الله يتطلب السكينة، وطأطأة للرأس، وخفض الصوت كما قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ).

ولأن التدافع وإيذاء الأخريات أمر لا يرضاه الله ورسوله، ولذلك آثرت عدم الدخول للروضة والمزاحمة، فالمسلم عند الله أعظم من الكعبة، فلا يجوز الإساءة للمسلمين لأداء أمر مستحب.. وأما الكراسي المتحركة ودخولها فهذه معاناة أخرى، حيث الانتظار من 3- 6 ساعات، حسب كثافة الحشد، وفي هذا الكثير من الإرهاق والمعاناة للمسلمات.

إن دراسات مستفيضة حول العملية التنظيمية أو ربما التعديلات الإنشائية لدخول الروضة الشريفة والموجهة.. أمر مُلح وعاجل في ظل رؤية 2030م والتي يصل عدد الحجاج والمعتمرين والزوار إلى 30 مليون شخص، فهل يتحقق تنظيم الحشود لتتحقَّق الطمأنينة في العبادة؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store