Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

(الاستبدال الكبير).. محاربة الأسلمة في أوروبا!

A A
لو سألنا عن الأسباب التي دعت مثل الإرهابي الأسترالي المتطرف «تارنت» لقتل المصلين المسلمين في مسجدي (كرست تشيرش) نجد أنها أسباب متعددة، لعل في مقدمتها ما أشار إليها السفَّاح نفسه في بيانه الذي نشره، وقال فيه: بأنه استوحى دوافعه من ممارسات اليميني النرويجي (أندروس بريفيك) المعادي للإسلام والمسلمين، والذي ارتكب مجزرة عام 2011 خلّفت 77 قتيلاً، والدافع الآخر، تأثُّره بنظرية (الاستبدال الكبير) التي ظهرت في أوروبا من قبل العنصري الفرنسي (جان راسيل) عام 1973، وهي النظرية التي تُحذِّر من انهيار الحضارة الغربية نتيجة الهجرة، حيث يتم استبدال السكان الأصليين بآخرين غير أوروبيين وغير مسيحيين، يخربون هوية البلاد. وهي تعني بذلك المهاجرين من بلدان الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث يخاف اليمينيون من إحلال العرب والمسلمين مكانهم في أوروبا. وقد كشفت صحيفة «الصنداي تايمز» البريطانية، أن هناك كُتباً تُباع لقادة يمينيين متطرفين، أمثال الأمريكي (دايلان روف)، والنرويجي (أندريه بريفك)، الذي أشار إليه القاتل المتطرف بأنه تأثَّر بفكره، وهناك مقاطع فيديو على الإنترنت تحثُّ على العنصرية، مثل (أوروبا قبل وبعد الهجرة)، والذي يعتمد في نصّه على تصوير مشاهد جميلة لشوارع ومقاهي ومطاعم وفنادق أوروبا في فترة الخمسينيات، وللسكَّان وهم يتنقَّلون في دعةٍ وأمان، تليها مشاهد معاكسة بعد أن قدم المهاجرون إليها، في مناظر تخريبية، حيث صوّروا مجموعة من الرجال السود وهم يُهاجمون سيدة بيضاء، وصوراً أخرى لهم وهم يهاجمون رجال الشرطة؛ ويعبثون بالمحال التجارية، ويُردِّدون كلمة (الله أكبر).

وفي الوقت الذي سارع العالم فيه إلى إدانة هذا العمل الإجرامي، ومن ضمنهم بابا الفاتيكان، والأمم المتحدة، ظهر -للأسف- وزير الداخلية الإيطالي «سالنيلي» بتصريح زاد من ألم وحرقة المسلمين، حيث قال مُعلِّقاً على هذا الحدث المأساوي: (إذا كان هناك نوع من التطرُّف أضعه كهدف لي في وزارة الداخلية فهو التطرف الإسلامي)، والكل يعلم بأن المشكلة ليست في اللاجئين، بل في أزمة الهوية الأوروبية، كما قالت الكاتبة الإنجليزية «ناتالي».

لا نلوم الحكومة النيوزيلاندية على هذا الفعل الإجرامي البشع، فقدرها أن لجأ إليها هذا المتطرف السفَّاح لتحقيق هدفه في بلدٍ عُرف عنه الحياد، ولا يكنُّ عداءً للإسلام والمسلمين، ولقد شاهدنا كيف عبَّر سُكَّان تلك المدينة عن حزنهم وتضامنهم مع الجرحى وأهالي الضحايا، ووضعهم الزهور قرب المسجدين.

المسؤولية كما قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في استهداف المصلين الآمنين تعود على المجتمع الدولي في مواجهة خطابات الكراهية والإرهاب التي لا تقرها الأديان، ولا قِيَم التعايش بين الشعوب. لقد حذَّرنا من صدام الحضارات مراراً، وقلنا بأنه يُحوِّل القضايا من وضعها الحقيقي إلى قضايا دينية، فتجد ضحاياها عند أصحاب العقول المغيّبة، يُحوّلونها إلى قضايا أيديولوجية.

رحم الله شهداءنا وأسكنهم فسيح جناته.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store