Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

المملكة: وطن العروبة والإسلام

A A
قبل 46 عاماً رحل عن عالمنا عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي كانت له زيارة تاريخية للمملكة العربية السعودية في منتصف يناير عام 1955م بصفته رئيساً للجنة الثقافية بالجامعة العربية، وكانت له يرحمه الله رؤياه التي خص بها بلاد الحرمين الشريفين لمكانتها في قلب كل مسلم على كامل المسكونة. تلك المكانة عبر عنها في خطابه الذي ألقاه خلال حفل افتتاح أعمال الدورة التاسعة للجنة الثقافية بالجامعة العربية التي تم عقدها في مدينة جدة وقتها. فبلغته العربية الخلابة، وصوته الآسر البديع، وبمنطقه القوي المتسلح بالعلم والمعرفة تحدَّث طه حسين في افتتاح هذه الدورة، وغدا حديثه محلاً لتعليقات الصحف والمنتديات الثقافية السعودية والعربية وقتها، وفي خطابه قال: كان الفرنسيون في بعض أوقاتهم يتحدثون عن انتشار ثقافتهم في الأرض فيقول قائلهم: إن لكل مثقف وطنين أما أحدهما فوطنه الذي وُلد فيه ونشأ وأما الآخر ففرنسا التي تثقف فيها، وكنا نسمع هذا الكلام ونرى فيه شيئاً من حق وكثيراً من سرف، ولكن الذي أريد أن أقوله الآن هو الحق كل الحق الذي لا نصيب للسرف فيه من قريب أو بعيد، فلكل مسلم وطنان لا يستطيع أحد أن يشك في ذلك شكاً قوياً أو ضعيفاً؛ وطنه الذي نشأ فيه وهذا الوطن المقدس الذي أنشأ أمته وكوّن قلبه وعقله وذوقه وعواطفه جميعاً، هذا الوطن المقدس الذي هداه الى الهدى والذي يسره للخير والذي عرَّفه نفسه وجعله عضواً صالحاً مصلحاً في هذا العالم الذي يعيش فيه، وأضاف قائلاً: إنني أسعد الناس وأعظمهم غبطة بأن أشعر الآن بأنني أتحدث في بلاد العرب والإسلام المملكة العربية السعودية، في البلاد التي عاش فيها نبي هذه الأمة محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، في البلاد التي مر عليها وقتٌ كان أهلها يقولون: ما أشد قرب السماء من الأرض! ثم مر عليها وقتٌ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كان بعضهم يبكي لا لأن شخص النبي قد مات وانتقل الى الرفيق الأعلى، بل لأن خبر السماء قد انقطع عن هذه البلاد المقدسة.

وعندما سُئل يرحمه الله عن مشاعره نحو مكة والمدينة قال طه حسين: هما المدينتان المقدستان اللتان تهوي إليهما أفئدة المسلمين، من زارهما منهم ومن لم يزرهما، ولم أكن إلا واحداً من هؤلاء المسلمين الذين يزورون مكة والمدينة منذ شرع الله الدين الحنيف للناس.

رحم الله عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين وحفظ الله بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية من كل سوء وردَّ عنها كيد الكائدين وحسد الحاسدين ومكر الماكرين وحفظها رب العزة والجلالة كما وصفها الدكتور طه حسين: وطناً للعروبة، ووطناً للإسلام، ووطناً ثانياً لكل مسلمٍ ومسلمة على هذا الكوكب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store