Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

سكن الحجاج.. بين الواقع والرؤية

A A
أكَّد معالي وزير الحج والعمرة د. محمد صالح بنتن في منتدى مكة الاقتصادي في الجلسة الوزارية الافتتاحية التي أُقيمت مساء السبت 23 مارس 2019 في فندق هيلتون مكة، على أن وزارة الحج والعمرة تهتم اهتماماً كبيراً في إسكان الحجاج، وأنه ستكون هناك رقابة للتأكُّد من أن المساكن صالحة للحجاج بشكلٍ يليق بهم.. ويعكس اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين لكل ما من شأنه تقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن.

وحقيقةً، فإن السكن من أهم العناصر المكونة لمنظومة الحج والعمرة لتوفير المسكن الذي يتناسب مع حجم الطلب ويُحقِّق رغبات الحجاج. والملاحظ انتشار مباني إسكان الحجاج على أحياء مكة المكرمة القريبة من المنطقة المركزية، وبعض تلك المساكن تفتقر للمقومات الأساسية للخدمات الصحية والاجتماعية من حيث: الأثاث، والخصوصية الفردية، ومصليات الرجال والنساء، والمطعم، بل بعضها يفتقر للنظافة العامة، وزيادة الأعداد بالنسبة للطاقة الاستيعابية للمبنى.. وكل ذلك لعدم التزام المشغِّل وهم بعثات الحج والوكالات السياحية بالمعايير والاشتراطات الأساسية لضوابط الإسكان، بل وقلة توفر مرتكزات تخطيطية وتصاميم للبيئة الداخلية حسب الاشتراطات الدولية لخصوصية الفرد والمساحة المخصصة له.

والمفروض أن يكون هناك تصنيف للشقق؛ على غرار تصنيف الفنادق لمستويات، ثُمَّ يُحدّد السعر المناسب لإسكان الفرد وفق المواصفات والخدمات، وبما يُحقِّق للحاج الراحة والطمأنينة.

ولكن في الوقت ذاته نرى أن بعضاً من الحجاج -في بعض الأحياء- يُحوّلون المساحات حول العمائر إلى أماكن بيع عشوائية ويفترشون الطرقات، بل إن بعضهم يمارس سلوكيات تُشوِّه وجه مكة الحضاري بالطهو وبيع الأطعمة الملوثة بالغبار وعوادم السيارات، وفي هذا الكثير من الإضرار بالصحة العامة بل وينتج عنها نفايات وإفساد للبيئة.

وفي معرض حديثي مع مطوف ومدى مسؤوليتهم عن تلك الممارسات أفاد: إن أولئك من القرى والأرياف ولا يُحبِّذون سوى السكن في الهواء الطلق.. إذن هؤلاء لابد لهم من تصاميم لغرفٍ سكنية داخل أحواش مغلقة، وتكون بسعرٍ مناسب مع شريحة الحاج، فلابد أن تُؤخذ خصائص الحجاج الاجتماعية والإنسانية من كل دول العالم في الاعتبار عند تصميم المباني، وتوفير غرف ودورات مياه خاصة للنساء وأخرى للرجال -لمزيد من الخصوصية- وتوفير المطابخ المزودة بالتجهيزات الأساسية، ووسائل الأمن والسلامة، ووسائل التهوية والإضاءة الطبيعية. وملاحظة عدم استخدام الممرات كسكن أو مصلى للحجاج، وتحديد العدد المخصص للمبنى حسب المعايير الدولية لتفادي المشكلات الناتجة عن زيادة الطاقة الاستيعابية.

بل ضرورة ملاحظة عدم انقطاع الماء أو الكهرباء عن السكن خلال فترة إقامتهم، لأن ذلك يعني لهم عدم توفير الخدمات الأساسية المتفق عليها في العقود، وكثيراً ما يضع اللوم على المطوف الغلبان..!! وتكون بذلك شركات الكهرباء والمياه مسؤولة في حالة أقام حاج دعوى تعويض عن مبلغ معين لم يستفد فيه من الكهرباء أو الماء.

بقي أن نقول: إننا وفي ظل رؤية 2030م والتي يتوقع أن يصل عدد الحجاج قرابة خمسة ملايين حاج.. لماذا لا يُعاد النظر في إعادة مسؤولية السكن لأبناء الوطن سواء كانوا المطوفين أو (أصحاب شركات الحج والعمرة) للاستفادة منها في الاقتصاد الوطني بدلاً من تحويل المليارات للخارج والتي تحتكرها بعثات الحج والوكالات السياحية فنُحقِّق الاستثمار المطلوب!!.

نتمنى أن تأخذ الهيئة الملكية لتطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة تلك الملاحظات في الاعتبار عند إعداد البنى التحتية لمساكن الحجاج.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store