Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مدخن أناني ومجتمع يعاني

مدخن أناني ومجتمع يعاني

A A
شيشة، معسل، دخان، سيجارة إلكترونية، معسل إلكتروني، تعددت المُدمرات والضحية واحدة، وتنوعت النكهات والضرر واحد..

وإذا أردت تقسيم المجتمع من حيث التدخين، لن تخرج عن أربعة أصناف: (المدخن اللطيف) وهو الذي يدخن ويعترف بحق الآخرين من الهواء النظيف، ويسعى إلى ذلك ما استطاع، وهناك (المدخن الأناني) وهو الذي يدخن وينفث دخانه في وجوه الآخرين، وكأنه يقول: (أنا ومن بعدي الدخان)، وهناك (المدخن السلبي) وهو الذي ابتلاه الله بمجالسة المدخنين (شريك حياة أو أقارب أو أصدقاء أو زملاء)، فهو يدخن مثلما يدخنون، ويمرض أكثر مما يمرضون، وهناك (الناجي من الدخان) وهي نسبة بسيطة من المجتمع، عافاها الله من التدخين والمدخنين، ورحمها الله من شرور النيكوتين.

(المدخن الأناني) واضح وصريح، وفعله قبيح، رائحته تدل عليه، وأنانيته تشير إليه، فهو يشعل السيجارة في أي مكان وأي زمان، والأماكن العامة عنده ليست هامة، وأما الأماكن الخاصة فطبعاً هي بدخانه غاصة، فلا تستغرب إذا دخلت غرفة صرافة بنكية وشعرت بالاختناق بسبب رائحة الدخان، فقد استخدمها مدخن أناني قبلك بأربع ساعات، وأشعل سيجارته العزيزة حتى يركز في تسديد فواتيره، وعلى من يأتي بعده من ضحايا تحمل تلك الأنفاس السيئة المحبوسة، فالسيد الأناني قرر لمن بعده أن يعاني، وإذا ذهبت إلى الممشى كي تمارس الرياضة، فلا تتعجب كثيراً إذا ما صادفت كل خمس دقائق مدخناً أنانياً يلوث عليك ذلك الهواء النقي القليل، الذي سلم من دخان عوادم السيارات، ولكنه لم يسلم من دخان عوادم البشر، ويتكرر الحال في باقي الأماكن، كالشوارع والملاعب، والأسواق والحدائق.

يدخن عند زوجته وأطفاله، يدخن في البيت أو السيارة، يشعل السيجارة بسيجارة، يكحون أو يتضايقون، كل ذلك يهون، المهم أنه مبسوط، وإن تجاوز الخطوط، وللأسف هذه حقيقة (المدخن الأناني) الذي قد تجمعك به بعض الصدف، فماذا تنتظر من إنسان يضر نفسه وأهله، هل تتوقع منه اهتماماً بمشاعرك وصحة قلبك، يقول (أوسكار وايلد): ليست الأنانية أن يعيش الإنسان كما يهوى، بل إنه يطلب من الآخرين أن يعيشوا كما يريد هو أن يعيش.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store