Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

من يقف وراء نصف ضحايا الإرهاب؟!

A A
ليس أعجب من حالة الممالاة لدى البعض مع الإرهاب وبعضِ تنظيماته وأحزابه، إلا حالة بعض الذين تورَّمت أناملهم وهي تضرب على لوحة المفاتيح ظنًّا منهم أنهم يشتغلون (بموضوعية وشمولية) على تعرية الإرهاب وأسبابه. هؤلاء البعض ينطلقون بك في رحلةِ تعريةِ الإرهاب ومَن يقف خلفه ويدعمه، ومَن يقوم على تنفيذ أجندته، وضحاياه، وذلك بكل توازن وروية، وحينما يصلون بك إلى منتصف الطريق يغدون أمام نموذجَين ماكرَين، يتفقان في الغاية ويختلفان في الوسيلة، والنموذجان هما النموذج التركي والنموذج الإيراني. وحينما نتأمل تعاطي هؤلاء البعض مع هذين النموذجَين نجدهم يتخذون صفة التركيز الشديد على نموذج، مع إهمال -ربما قصدي- للنموذج الآخر؛ فلا تكاد تقرأ لهم عن النموذج المهمَل شيئًا، مع أن هذا المهمَل لا يكف عن المكر والتربص بنا. ولذا فالتعامل (الانتقائي) مع أعداء الوطن وخصومه يُوهم المتابعَ بعدم عدالة قضيتنا مع الطرف الآخر (المهمَل)، ويَجعل من التباين في التعاطي مع النموذجَين حجةً للمتصيدِين في مياه الاختلاف المعكَّرة. نعلم يقينًا أن نظام الملالي في إيران على عداء قديم وظاهر ومستمر مع المملكة، ومنذ قيام ثورته المشؤومة وهو يمارس إرهابه وتدخلاته ضد المملكة، مستعينًا على ذلك بأذرعته وأحزابه وأذنابه في المنطقة كحزب الله والحوثيين. وقد مارس هذا النظام أشكال الإرهاب في وطننا منذ حج (١٩٨٧م) في أطهر البقاع (مكة المكرمة)، مرورًا بتفجيرات الخُبر، وقتل الدبلوماسيين، وليس انتهاء بحرق سفارتنا وقنصليتنا في إيران. في النموذج المقابل نجد النظام التركي وقد وظف أذنابه وأتباعه ليكونوا أداةً طيعةً في يديه كنظام الحمدين في قطر، وجماعة الإخوان المسلمين، وبعض التنظيمات الإرهابية، التي تمكر وتتربص بالمملكة على مستويات متعددة سياسية وثقافية وإعلامية وغيرها؛ طمعًا في إعادة الخلافة العثمانية البائدة. المفارقة في تناول هذين النموذجَين هو أنك تجد البعض حينما يتناول النموذج التركي فهو يتناوله وأذنابه بعمق، لكنك لا تكاد تجد له حديثًا -ولو عرضًا- عن النموذج الإيراني، ومن يقرأ لهؤلاء يظن أن تركيا وأذنابها هم الخطر وحدهم، وأن إيران لا تُشكل خطرًا، وأنها لم تمسَّنا بأي سوء. والحق أن كلا النموذجين أشد وأخبث من الآخر، وكلاهما يمكران ويتربصان بنا، وحينما نطالب بالالتفات لإيران فلا يعني هذا إغفال تركيا وأذنابها، أو التهوين من أمرها، إنما نقوله لكسر حالةِ الصمتِ المريب لدى البعض تجاه إيران، ولكون الأرقام تشهد بأن إيران مارست الإرهاب تجاهنا، وسفكت -عداوةً- دماءَ دبلوماسيينا وأبنائنا وحجاج بيت الله، ولو أن الظروف تهيأت لتركيا لمارست ما مارسته إيران، وربما أشد. نعم، المعطيات تشير إلى نزعة عدائية مستعرة لدى النموذجَين، وتشير في الوقت نفسه إلى مئات الضحايا الذين سُفكت دماؤهم في سفارتنا وعلى ترابنا بفعل إيران، ومن هذا المنطلق فحري بمن نأى بقلمه عن إيران وتنظيماتها -لسبب أو لآخر- أن يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وأن يأخذ في اعتباره ما ذكره الأستاذ حسن الهاشمي في العدد الأخير من (مجلة اليمامة) حينما قال: «إن نصف عدد ضحايا الإرهاب في السعودية كان بفعل الإرهاب الإيراني». وهنا لا نغفل (القلة الصادقة) التي تناولت النموذجَين كليهما (الإيراني والتركي) بكل صدق، ومن منطلق وطني حق، أما المُغْمِضو عينًا الفاتحو أخرى، فهؤلاء لم يَصدقوا مع الوطن، ولم يخدعوا إلا أنفسهم، وما علموا أن بعض التذاكي يودي بصاحبه، ولا أدري ما وراء اختلافهم على إرهاب إيران وخطرها؟. ولعل قائلاً يقول: وأين أنت من إسرائيل، فأقول: هي ثالثة الأثافي، غير أنها لم تَسفك لنا دمًا على ترابنا، ولم تطلق صواريخها تجاهنا، ولم تسلط آلتها الإعلامية علينا، وحين الحديث عنها خارج نطاق الأمن الوطني -أي عربيًّا- فلا أظن أن مواقف المملكة منها ومع القضية الفلسطينية تخفى على ذي لُب.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store