Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

حتى لا تعود داعش!!

A A
* دفعت بلادنا ثمنا باهظًا في سبيل مكافحة الإرهاب.. لكن ذلك المارد الذي يتغذَّى على إرث وفهم (مغلوط)، مازال على قيد الحياة!.. فبرغم قوة الهزائم التي تلقَّاها تنظيم داعش، إلا أنه يطل مِن قمقمهِ بين فينةٍ وأخرى، لعلَّ آخرها الظهور القاتم للبغدادي الأسبوع الماضي، وهي إطلالة تهدف إلى كسب التعاطف ورفع المعنويات، وإرسال رسائل للأتباع (ضع تحت كلمة الأتباع عشرة خطوط)، بإعادة بناء التنظيم الذي فقد الكثير من قدراته المالية والبشرية!.

* في كل الأديان، هناك مُتطرِّفون يُروِّجون لأفكارٍ بالغة التشدُّد، وأحيانًا بالغة العدوانية‏.‏. لكن تأثير تلك الدعوات لا يتحدَّد إلا بحجم وعدد أتباعها وتأثيرهم على الأرض.‏. ‏لاشك أن للقادة والمُنظِّرين خطورة‏ كبيرة في هذا الاتجاه،‏ لكنها تبقى خطورة نسبية أو محدودة ما لم تجد أتباعًا مُتحمِّسين.. وهنا يبرز السؤال‏:‏ مِن أين يأتي الأتباع؟!، وما الذي يجذب العديد من الشباب للسير خلف مُنظِّرين ذوي أفكار راديكالية تُسوِّغ للعنف الذي تُحرِّمه كل الأديان؟!.

* الأسباب كثيرة ومتشابكة ويصعب حصرها.. لكننا سنتحدَّث اليوم عن اثنين منها، بينهما ارتباط وثيق، هما (الغضب) و(الإحباط)‏ -حتى وإن كانا متوهَّمين عند البعض-.‏. وهو غضب‏ٌ يجب أن نتفهّمه قبل أن نستهجنه، وإحباطٌ يجب أن ندرسه، حتى إن أدَّى هذا إلى التعاطف،‏ فالتعاطف عند العقلاء لا يعني المسايرة أو التبرير، وإنما يعني إدراك أننا أمام مرض ومريض،‏ وكلاهما يحتاج إلى علاج.

* مصادر هذا (الغضب) الشبابي متعددة، إلا أنه يمكن إجمالها ‏في عدّة عوامل: داخلية، مثل البطالة، والإحساس بالتهميش، والبحث عن دور اجتماعي فعَّال.. بالإضافة إلى عوامل خارجية تتمثَّل في الإحساس بالظلم العالمي، وتسلُّط الأعداء على المسلمين.. وهو ما يُثير كوامن نفوسهم إلى المعارضة والمدافعة!.

* وحتى إن قال البعض: إن البطالة والضغوط الاقتصادية ليست أسبابًا كافية لاتِّباع طريق العنف، كونها لم تغب عن المجتمعات الإسلامية منذ نشأتها، إلا أنها بالتأكيد تُثير في نفوس البعض مشاعر الحقد والبغضاء، وتجعل منهم هدفًا سهلا للمُنظِّرين، حيثُ يمكن استدراجهم بإشباع حاجاتهم.. كما أن ‏التفاوت الطبقي الواسع في بعض المجتمعات الإسلامية يُعدُّ عاملًا مساعدًا في شيوع هذا الغضب‏.‏. أضف إلى ذلك ‏الشعور بضيق آفاق الحياة؛ كيأس المتعلِّمين من العثور على عمل، وغياب العدالة في بعض مجالات التوظيف، وأحيانًا الأعمال التجارية، كلها من الأسباب المؤدية إلى ركوب العديد من الشباب لهذه الموجة‏.‏‏‏‏

* حتى لا تعود داعش، من المهم قطع الطريق عليهم من خلال دراسة الأسباب التي يرتكز عليها هيكل الغضب -الذي يُفرِّخ العنف والعدوانية-، ففي ظل ما يُوفِّره ولاة الأمر -حفظهم الله- من إمكاناتٍ هائلة للمؤسسات ذات العلاقة، يصبح الدور الأكبر مناطًا بتلك المؤسسات في إصلاح أحوال الناس المعيشية والضرورية، ورفع مستوى وعيهم الديني والاجتماعي والوطني، وإيجاد بيئة مستنيرة للشباب؛ يُحقِّقون فيها ذواتهم، ويخدمون فيها أمتهم.. فالانتماء لا يكون إلا بالمشاركة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store