Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

تحية للرئيس (أبو الأمة)!

إضاءة

A A
من أستانة جاء صوت الدبلوماسي الكازاخي نصر بك معاتباً لعدم اهتمامي بخبر أرسله لي من كازاخستان عن نجاح خطة إعادة الدفعة الثانية من مواطنيها الدواعش!، اعتذرت بود عن عدم متابعتي لبريدي الخاص وعدت للخبر الذي كان يتحدث عن صاحب الخطة الناجحة "أبو الأمة" الرئيس المتنازل عن الحكم سلطان نزار بابييف!

والحق إن الخطة كلها لم تستوقفني بقدر ما استوقفني تعبير أو مصطلح "أبو الأمة" الذي ورد في بيان رسمي ألقاه الرئيس الحالي "المؤقت" قاسم جومارت تو كاييف..

كنت قد التقيت الرئيس نزار بابييف ضمن وفد صحفي عالمي كبير فلما طلبت من مستشاريه اجراء حوار معه قيل لي حينها إن ذلك من رابع المستحيلات أو خامسها لا أتذكر!، وعندها عدت بانطباع سلبي عن الرئيس باعتباره أحد الديكتاتوريين الكبار. وزادت قناعتي بدكتاتوريته حينها عندما قالت الزميلة الكازاخية المرافقة إن الرئيس الكازاخي رفض بعيد ثورة يناير في مصر تغيير اسم الجامعة المصرية الإسلامية هناك والمسماة بجامعة مبارك! وحين سألتها عن السبب قالت هامسة: إنهما أصدقاء.. ديكتاتور هنا وآخر هناك!

ولأن أهل كازاخستان أدرى بشؤونهم أجدني مديناً باعتذار للرئيس نزار، ليس فقط لأنه تنازل طواعية عن الحكم مفسحاً المجال لرياح الديمقراطية، ولجيل جديد من الزعماء الشباب على حد قوله، وإنما لأنه أشعَرَ شعبه كله أوغالبيته بأنه يستحق لقب "أبو الأمة"!

وفي مشواري الصحفي الطويل سمعت أوصافاً جميلة مماثلة عن زعماء رحلوا عن الدنيا وتركوا مواقفهم تتحدث عنهم.. من هؤلاء الزعيم الهندي المهاتما غاندي، الذي كرَّس حياته للمثل العليا والسلام والتسامح والوئام! والمدهش والمثير أنني عندما التقيت بالزعيم تشاندرا شيكر رئيس وزراء الهند في أوائل التسعينيات انتابني شعور بأنني أجلس أمام غاندي، فلما سألته عن سر تواضعه وزهده في الحكم رغم أن الانتخابات على الأبواب قال: إنها روح "أبو الأمة" الذي علمنا قيم التواضع ونكران الذات والتسامح!.

كنت قد التقيت شهيد الحرية وقاهر الظلم والفصل العنصري "أبو الأمة" في جنوب أفريقيا "نلسون مانديلا"، واستمعت منه لدروس في أهمية التسامح، ووحدة الشعوب، والإحساس بمعاناة المقهورين! والمدهش كذلك أن أبو الأمة الهندية غاندي عمل محامياً مغترباً في جنوب إفريقيا في الفترة التي كان خلالها المجتمع الهندي يناضل من أجل الحقوق المدنية!.

وذات يوم سألت الرئيس السنغالي عبده ضيوف عن سر ابتسامته الدائمة وهدوئه الواضح رغم تعالي أصوات المعارضة التي يقودها منافسه عبد الله واد، قال: إنه الرئيس سنجور الذي تنازل عن الحكم قبل انتهاء مدة رئاسته عندما لمس تململ الشعب منه!

في موريتانيا يسعى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز للحصول على اللقب.. فقد أعلن الخروج ببلاده عن نسق الانقلابات المتوارث منذ إبعاد ولد داده أول رئيس مدني وتسليمه السلطة لرئيس جديد يتم انتخابه في يونيو المقبل.

ولماذا نذهب بعيداً؟! بالأمس القريب، وحين استشعر الثوار في السودان أن أمراً ما يحيط أو يحيق بهم من جهة المجلس العسكري، وقف جنرال كبير برتبة فريق مطمئناً ومرطباً وهاشاً في وجوههم قائلاً: لا تخافوا نحن أبناء سوار الذهب! والمعنى أن سوار الذهب بات بتنازله عن الحكم وتسليمه السلطة لحكومة مدنية منتخبة أباً حبيباً للجميع مدنيين وعسكريين..

فهل يفعلها الأبناء في السودان.. وهل يتم إثبات ذلك عملياً بالبرهان .. أو من خلاله؟!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store