Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

الالتزام بين المظهر والجوهر!

A A
اللافت للانتباه أنه في مجتمعاتنا العربية تحديداً أصبحت سمة الانخداع بالمظاهر البراقة من أبرز السمات التي تغلب على الأحكام الصادرة من أفراده نحو الغير، هذه السمة التي قد تترك خلف ستارها الكثير من المخالفات الفسادية المتسترة خلف رداء الالتزام الظاهري من خلال ممارسة ألوان مختلفة من الفساد المالي والاداري وحتى الشرعي. وهذا الأمر اللافت يبرز بدرجة كبيرة على قيمة الالتزام الحقيقية المنطلقة من مبادئ وقيم وسلوكات الدين الحنيف. ولعل ذلك الخلل الفادح قد برز عبر العصور السابقة انطلاقاً من بعض الموروثات الثقافية المضللة والعادات والتقاليد البالية التي تحولت إلى بدائل للقيم والمبادئ الشرعية الحقيقية، وقد يكون لبعض المتنفذين في المجتمعات الاسلامية دور بارز في نشوء تلك الظاهرة كونها اتخذت من قبلهم لتعزيز نفوذهم، لكن من يقف خلف تلك الظاهرة المموقتة ويعززها تناسى أن الله سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وأن ذلك السلوك المتخفي بارز أمام الله سبحانه وسيحاسب كل مضلل ومزيف خلف ستار الدين فكم هي كثر الحوادث التي أفرزت لنا بطلان تلك المظاهر البراقة التي أفرزت لمجتمعاتنا الاسلامية الكثير من حوادث القتل والتفجير والتكفير، وكم هي السلوكات المنحرفة التي تبرز لنا كل يوم بعد انكشاف أستار تلك المظاهر الخادعة فالعديد من أولئك المتسترين خلف المظاهر الشرعية الخادعة نجدهم أكثر من يكذب ويسرق المال العام ويغش في التجارة وكافة المعاملات الحياتية ويخادع الأنظمة ويلتوي عليها ويغتاب ويبهت ويسيء للجار ويعق الوالدين ولا يصل رحمه ويرتكب المعاصي والمنكرات خلف الأستار ولا يحث على العمل الصالح، وتناسى مثل هؤلاء أن الله تعالى يعلم ما تخفيه صدورهم حيث قال نبينا المبشر المبلغ النذير: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)، وأن مصير تلك الفئة الفضح عاجلاً أم آجلاً.
ومن هذا المنطلق كم أتمنى منا جميعاً كمجتمع مسلم مؤمن أن يلتزم بقيم ومبادئ وتعاليم وسلوكات ديننا الحنيف مظهراً وجوهراً وكم أتمنى ألا ننخدع بكل مظهر بل نتلمس القيم الفاضلة والمعاملة الحسنة والسلوك الحميد التي أراها تغسل كل دنس النفس التي يوسوس لها الشيطان ويحث على إبرازها وتزيينها أمام الغير ليوقع بالبشر إلى حافة الهاوية، وعلينا جميعاً ألا ننخدع بتلك المظاهر البراقة ولا نحكم على الشجرة من لحائها، والله من وراء القصد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store