Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

في الطريق إلى «القمة» بصحبة أبي فهر!

A A
كنت قد حجزت تذكرة الطيران، وحزمت حقائب السفر الى مصر، علَّني ألحق يوماً أو بعض يوم مع الأهل في القاهرة والرملة، قبل أن يخبرني رئيس التحرير باختياري من اللجنة العليا للقمة الإسلامية ووزارة الإعلام ضمن الكتاب المدعوين لمؤتمر القمة الاسلامية الذي تسبقه قمة عربية في مكة المكرمة بجوار بيت الله العتيق. دقائق بل ثوانٍ معدودة، انشغلت فيها بالتفكير في كيفية الحصول على حجز جديد، قبل أن ترد في ذهني وعلى لساني الإجابة: لاشىء أثمن من أن أرى الكعبة!، قلوب الملايين في مشارق الأرض ومغاربها تهفو إليها.. وكل من جاءوها وكحلوا عيونهم برؤيتها فرحوا وسعدوا.. لأنها المرام.. ويأتي من بعدها البلد!

في الطريق الى مكة المكرمة، كنت أقرأ «في الطريق إلى ثقافتنا» للعلامة الدكتور محمود محمد شاكر، ربما تحرياً للمصداقية من جانبي، وربما للتهيؤ، أو التمترس أو نحو ذلك!، والحق أنني لم أبحث عن الكتاب أو أحرص على اصطحاب أبي فهر، ويشهد الله أنني مددت يدي فوجدته، ولم أجد في ذلك حرجاً..

القمة عربية وإسلامية، وثقافتنا عربية وإسلامية، ومكة المكرمة مهد رسالتنا التي نزل بها جبريل الأمين على محمد سيد البشر أجمعين!

فاذا أضفنا الى ذلك أن السعودية كانت هي، ملاذ أبي فهر، عندما اصطدم بالدكتور طه حسين في موقعة «الشعر الجاهلي»، وأنه سافر إلى جدة سنة 1928 مهاجراً، أو شبه مهاجر، وأنشأ فيها -بناء على طلب الملك المؤسس عبد العزيز آل سعودـ مدرسة جدة السعودية الابتدائية قبل أن يعود الى القاهرة، يصبح من اللائق بل من المناسب أن ألوذ في هذا المقام بمن لاذ بجدة! ولمَ لا وهو الذي رزق -كما يقول الناقد الدكتور محمود الطناحي- عقل الشافعي، وعبقرية الخليل، ولسان ابن حزم، وشجاعة ابن تيمية.

كان محمود شاكر يحذر في طريقه التاريخي النبيل من فساد أو إفساد ثقافتنا، محذراً من تلخيص أو تزويق أفكار عالم آخر، باعتباره ضرباً من التدليس الكريه.. ومع ذلك فإن هذا الأمر أهون من «السطو المجرد» حين يعمد الساطي الى ما سطا عليه، فيأخذه فيمزقه، ثم يفرقه ويغرقه في ثرثرة طاغية، ليخفي معالم ما سطا عليه، وليصبح عند الناس صاحب فكر ورأي يعرف به، وينسب كل فضله اليه.. ومع ذلك أيضا، فهو أهون مما فعلوه وسنوه من سنة «الإرهاب الثقافي» الذي جعل ألفاظ «القديم» و»الجديد»، والتقليد والتجديد»، والتخلف والتقدم، والجمود والتحرير، وثقافة الماضي وثقافة العصر» سياطاً ملهبة.. بعضها سياط حث وتخويف لمن أطاع وأتى، وبعضها عذاب لمن خالف وأبى!.

مع اقترابي لمكة،حيث القمتان الكبريان العربية والإسلامية، تذكرت مقولة «بنت الشاطئ» الدكتورة عائشة عبدالرحمن إن الأمة قد تُمتحن باحتلال أرضها فتناضل من أجل الحرية حتى تستردها على المدى القصير أو الطويل، بل قد تحارب في عقيدتها، فيتصدى الضمير الشعبي لحمايتها، بالرفض والتعدّي، لكنها حين تُمتحن بسرقة لسانها تضيع!.

قلت لنفسي: مالي أخوض في حديث الشخصية والهوية وأنا مقدم على حضور القمتين الكبريين، وسرعان ما اكتشفت أنهما -الشخصية والهوية- هما مفتاحا كل قضية عربية إسلامية مستفحلة، ويقيناً لو أننا تمسكنا جميعاً - وأكرر جميعاً بشخصيتنا العربية وما فيها من شهامة ونخوة وأصالة لما دهستنا واستباحت أرضنا أمم أخرى تسرح وتمرح في أكثر من منطقة عربية، وليس في اليمن وسوريا وليبيا فقط.

نحيّت «الطريق الى ثقافتنا»: جانباً، وتذكرت طريقي للقمة، لقاء القادة، وطموحات الشعوب.. والواقع أنني تمنيت كما يتمنى الجميع هذه المرة تحديداً ووسط هذه الكربة، أن ينتشل الله الأمة من هذي الغمة، وألا يتواعد الزعماء على السراب، فأمامهم وحولهم ألف ناب، وأن تبقى القضية الفلسطينية بما فيها القدس والمسجد الأقصى في القلب، رغم حجم التهديد وضخامة الخطوب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store