Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

مصر التي رأيتها على جدران بيت سعودي!

A A
انبهرت بما رأيته في متاحف ومعارض مصرية أكثر من أن تُعد، لكن قمة الانبهار كانت في بيت الشيخ طلال زاهد بجدة.

وعلى المستوى العالمي زرت معرض ويمبلي في بريطانيا وما يحتويه من أعمال قديمة تستنسخ كهوف أجانتا الهندية، ومعرض ألكسندر كالدر الذي فتح آفاقاً جديدة للنحت، حيث استخدام أبعاد الحركة والزمن، وحيث عالم الحيوان بدقائقه وتفاصيله، لكن ما رأيته في منزل الزاهد بالفعل يفوق الوصف ويعجز عن تصويره الحرف.

رأيت مصر بإبداعها وعبقريتها وجمالها على جدران المنزل الذي هو قصر للفن المصري القديم والمعاصر.

يدلف الرجل بنا من غرفة إلى غرفة ونحن في قمة الدهشة.. فعلى الحوائط والجدران أشخاص يكادون ينطقون ويبوحون لنا بأسرار فنِّهم..

طيور تهش لنا وأخرى تفر من أمامنا.. وهناك حيوانات أليفة تكاد تخرج إلينا من البراويز المعلقة.. وفي الركن أصوات ترن، ونحلات تطن.. ومخبر من أعمال بيكار يداري نفسه بصحيفة اليوم.. وفيضان متدفق من شذى اللون.

هنا حفيف شجرة.. تتسع الحدقة أكثر فأغني وأنا أمشي خلفه لافترارات الصبا والذكريات المشرقة.. إنها شموس عبقرية مصر الموثقة..

يحتار المرء أمام إبداعات مختار، قبل أن ينادي علينا محمود سعيد وراغب عياد ومحمد ناجي..

نمضى في الممرات والطرقات التي تحولت إلى ساحات للجمال فنجد أعمال مطاوع وأبو المجد وصلاح حماد وأحمد مرسي ومنير كنعان وفؤاد سليم وسعيد بدر وصبحي جرجس ومحمد هجرس.

هنا غرفة مقمرة يسكنها أحمد نوار وفرغلي عبد الحفيظ ومحمد عبلة.. تنسكب البهجة، وتنهال أفكار الكتابة والتسجيل على رأسي كالمطرقة.. هنا انجي أفلاطون ويالجمال الكون، وبجوارها جاذبية سري ومريم عبد العليم.. الله يا مبدع الأكوان.. وهناك في الممر كامل مصطفى، وتحية حليم، والبناني، والسجيني، أي روعة هذه وأي حسن وأي جمال؟!

يشتعل الصدر بالذكريات.. حيث الأنامل في الرملة تجمع السنابل.. حيث الندى.. وحيث يجن الصدى.. وحيث يحن وقود الكتابة للاشتعال.

نتأمل في إبداعات مدحت نصر وريم حسن ومصطفى حسين وجيهان سليمان وأمل نصر.. ونردد أنه احتفاء جدة بعبقرية مصر.

هنا غرفة مضمخة بالبخور والأقحوان، حيث الدسوقي فهمي وعادل السيوي وطارق الكومي، وحيث الجمال يعبر عن نفسه على الجدران.. هنا ابراهيم الدسوقي وصلاح المليجي، وعطيات سيد، ونعيمة الشيشيني، ومصطفى بط .. هنا تفر الروح تارة الى الإسكندرية.. الى سيف وانلي العصر عصمت داوستاشي وأخرى الى النيل حيث عز الدين نجيب.. وحيث جمال الموال والأنين الداخلي العذب والليل.

صه! هنا وقع الحنين للطراوي وفاروق حسني وأحمد مصطفى وزينب عبد الحميد وسيد عبد الرسول .. وآدم حنين!

وفي الممر الكبير تسطع أعمال رباب نمر وأيمن السمري وسامي البلشي ورضا عبد السلام ورضا عبد الرحمن ومحمد الناصر..

في الزرع المحيط بمنزل الزاهد طلال وعبر الزجاج الشفيف ألمح أعمال العظماء من المنحوتات التي تبوح لي بالفرح دون صوت.. أخرج إليها أتحسس دقائقها .. أربت بيدي عليها وكأنني أمسح على رؤوس الوشاحي، وعبد البديع، وعبده سليم، وعمر طوسون، ومحمود موسى، وعبد المنعم الحيوان، وأحمد عبد العزيز، والعلاوي، وزبادي، وعصام درويش.

بين الحين والآخر يتحدث الزاهد فتلمح شذى مصر في وجهه.. يمتلئ بعلامات النبل السعودي وبالشهامة.. فيما تكتفى زوجته الباحثة الفنانة نادية الزهير بابتسامة.. يمضى الرجل أمامنا جزلاً وهو يواصل الشرح.. يا لجمال العشق.. يا لتلك الوسامة.

أحاول السماع لما تبوح به كل اللوحات دون جدوى.. الأعمال كثيرة والإبداع المصري ينتشر في كل الردهات!

الحوائط هنا حنونة.. والجدران رحبة ومرحبة.. أيتها الأعمال العظيمة المبجلة.. لك البهاء كله.. والبقاء كله.. لك في بيت الزاهدية وعند أجيال الفن السعودية والعربية كل الدهور المقبلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store