Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

يا فرحان.. هل الضحك من الشيطان؟!

الحبر الأصفر

A A
مَن يَتأمَّل تَصرُّفات النَّاس، وحَركَاتهم، وردُود أَفعَالهم، يُصَاب بالعَجب، خَاصَّةً تِلك التصرُّفات الغَريبَة، مِثل هَجمة الزُّهد، والحَمَاس فِي الخطَابَة، والبُكَاء أَثنَاء الوَعظ، وكُلّ هَذه تَصرُّفات تَطرح عَلَامَات الاستفهَام، أَكثَر مِمَّا تَطرحه مِن عَلَامَات التَّقدير والاحترَام..!

وحَتَّى لَا نَتحدَّث عَن شَيء مِن «عِنديَّات» أَنفسنَا، دَعونَا نَستَشهد بأَقوَال أُنَاس سَبقُونَا فِي العِلم، ومُمَارسة الدَّعوَة، ومُصَاحبة النَّاس، والتَّبحُّر فِي الخِبرة..!

فهُنَاك عُلمَاء أَجلَّاء عَلَى مُستوَى العَالَم العَربي، لَهم عِِدّة كُتب، يَتنَاوَلون هَذا الأَمر. فنَجد أَحدُهم يَقول: (احْذَر مِن ضِحك الشَّيطَان مِنك فِي سَتِّ سَاعَات: سَاعة الغَضَب، والمُفَاخَرَة، والمُجَادَلَة، وهَجمة الزُّهد المُفَاجِئَة، والحَمَاس وأَنتَ تَخطُب فِي الجَمَاهير، والبُكَاء وأَنتَ تَعظ النَّاس)..!

ولَو تَأمَّلنا فِي هَذا النَّص القَصير العَميق، لوَجدنَا أَنَّ سَاعَات الغَضَب مَعرُوفَة، وسَاعَات المُفَاخَرَة مَعلُومَة، وسَاعَات المُجَادَلَة -كَذَلِك- مَفهُومَة ومَهضُومة، ولَكنَّنا بحَاجةٍ إلَى التَّوقُّف كَثيراً، عِند «سَاعة هَجمة الزُّهد المُفَاجِئَة»، تِلك التي تُصيب بَعض النَّاس فِي رَمضَان، أَو عِند المَصَائِب، أَو فِي حَالة مَوت عَزيز أَو قَريب..!

هَذا النَّص -كَذَلِك- يَجعَلنَا نَتأمَّل كَثيراً؛ «سَاعة الحَمَاس وأَنتَ تَخطُب فِي الجَمَاهير»، لِمَاذا هَذا الحَمَاس؟، ولِمَاذا يَحدث أَمَام الجَمَاهير..؟!

ثُمَّ نَحنُ بحَاجةٍ إلَى تَأمُّل آخِر سَاعَة، ولَا أَعنِي بِهَا المجلَّة المِصرية المَعروفَة، ولَكن أَعنِي بِهَا آخِر سَاعَة؛ مِن سَاعَات ضحك الشَّيطَان عَلَى الإنسَان، ألا وهي سَاعة البُكَاء وأَنتَ تَعظ النَّاس، لأَنَّنا نَجد كَثيراً ممَّن حَولنَا؛ يَتبَاكُون ولَا يَبكُون، وقَد أكَّد شَاعرنا الكَبير «المُتنبِّي»؛ أَنَّ هُنَاك فَرقاً كَبيراً بَين مَن يَبكِي، ومَن يَتبَاكَى، حِينَ قَال:

إذَا اشْتَبَهَتْ دُموعٌ في خُدودٍ

تَبَيّنَ مَنْ بَكَى مِمّنْ تَباكَى!!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: يَا قَوم، تَأمَّلوا هَذه السَّاعَات السِّت، التي يَضحك فِيهَا الشَّيطَان مِنكم وعَليكم، ومِن جِهتي سأَكون شُجَاعًا، وأَعتَرف أَنَّ الشَّيطَان لَا يَضحَك عَليَّ؛ إلَّا فِي سَاعةٍ وَاحِدَة، وهي سَاعة الغَضَب، وأَنتُم أَيضاً؛ كُونُوا صُرحَاء مع أَنفسكم، وحَاوَلوا أَن تَعتَرفوا، كَم سَاعة مِن هَذه السَّاعَات السِّت؛ تُنفقونهَا عَلَى تَسلية الشّيطَان..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store