Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

موريتانيا.. اقتراح للرئيس ومصادرة مُحبَّبة لمطبعة!

إضاءة

A A
رغم أن الانتخابات الموريتانية المقبلة في يونيو الحالي شبه محسومة لصالح المرشح الرئاسي أو «الرئيس» لاعتباراتٍ عديدة، ستشهد موريتانيا- ربما لأول مرة منذ انتخاب المختار ولد داده- انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، مع الاحترام والاعتذار للحرية والنزاهة والشفافية التي يتم انتهاكها جميعًا في بلدانٍ عدّة، وفي مناسبات مشابهة!. والحاصل أن خطوة الرئيس الحالي ولد عبدالعزيز بالالتزام بالمُدَد الرئاسية المقررة سلفًا، والتخلِّي عن كرسي الحكم لرئيسٍ جديد منتخب وقادم بإرادة شعبية حقيقية، تفسح المجال لعرس أو شبه عرس ديموقراطي في دولة ظلَّت تكتوي بانقلابٍ عسكري تلو آخر، دون رحمة أو هوادة!.

صحيح أن الرئيس المنتظر قادم من حضانة السلطة، بل من معقل الثكنات العسكرية، ولكن السلطة والجيش لم يُحدِّدوا المُرشّح المنافس، ولم يمنعوا أحدًا من التقديم، ولم يشنّوا الحملة تلو الحملة ضد المنافسين. في كل الأحوال، ستتم الانتخابات تحت رقابة وطنية ممثلة باللجنة العليا المستقلة التي يرأسها محمد فال ولد بلال، وبمراقبة من الاتحادين الأوربي والإفريقي، وبحضور ممثلي المرشحين المتنافسين داخل اللجان وتوقيعهم على كل المحاضر، وستنتهي بانتخاب الرئيس الجديد، ولا مانع من تقديم بعض الطعون، ورصد بعض التجاوزات.. «لكنها لم تؤثر على أحقية الرئيس الفائز الذي سيحصل على غالبية الأصوات ومن الجولة الأولى»!.

أكتبها أو أقولها مسبقًا على سبيل التوقع القائم على أسانيدٍ ومعلومات قوية، وليس على سبيل التألُّم أو السخرية، ففي موريتانيا من العقل والحكمة ما يكفي للقارة الإفريقية كلها ويفيض! وفي موريتانيا فجر ديمقراطية جديد، سيكتمل رويدًا رويدًا مع مرور السنين؛ القريبة لا البعيدة.

يقترب موعد الانتخابات، وتتزايد حدّة التصريحات، بل التراشقات المعتادة، ويتعلَّل المنافسون مسبقًا بعدم الحياد في اختيار المطبعة التي تولَّت أو ستتولَّى طباعة بطاقات التصويت، باعتبار صاحبها- رجل الأعمال- صديقًا للسلطة، ومن ثم كان ينبغي النأي بضمير الشعب عنه، وطبع البطاقات في الخارج!.

وهنا يرد فال ولد بلال رئيس لجنة المراقبة: وماذا عن طعون الانتخابات الماضية في 2007، رغم أن الطبع كان في الخارج! يضيف الرجل بفخرٍ وزهو وثقة: صادرنا المطبعة وفتّشناها بحضور ممثلي جميع الأطراف فور رسو المناقصة عليها، لا شأن لنا بظروف وحيثيات المناقصة، وسنعمل بروح الكفاح بحثًا عن العدالة!.

لقد عرفت ولد بلال مديرًا ناجحًا لبنك، وسفيرًا أمينًا، ووزيرًا حكيمًا، وكم حدّثني عن حزبه الأول «حزب الكادحين»، وجريدته المحبّبة لنفسه «صيحة المظلوم».

وعن وجود أكثر من ممثل محسوب على السلطة في اللجنة المشرفة على الانتخابات يقول ولد بلال: هذا الأمر لا تُلام فيه أو عليه اللجنة، شخصيًا حاولت وأسفت لهذا الأمر، لكننا وكل الأعضاء أقسمنا على الحياد، وعلى التمسك بمسافة واحدة مع جميع المنافسين.. لا تقيسوا الأمر بانتخابات 2007، فنحن الآن لا نخرج من وضع انقلابي لوضع دستوري، وإنما نعيش هذه الدورة في أجواء دستورية خالصة.. من رئيس منتخب، إلى رئيس جديد منتخب!.

تحية لرئيس اللجنة الوطنية العليا للانتخابات الموريتانية، ولد بلال.. وتحية لرئيس موريتانيا الذي يُغادر منصبه بعد أسابيع، لينضم لقاقلة الحكماء الأفارقة.. ومن يدري فقد يُقدِّم ولد عبدالعزيز لقارته الإفريقية؛ ولأمته الإسلامية، أكثر مما قدَّمه لبلاده؟.. ولِمَ لا؟.. لقد نجحت موريتانيا في تهدئة الأوضاع الداخلية في جامبيا وفي مالي، وفي الكونغو، وأخيرًا في السودان.. ويواصل مندوبوها الأمميون جهودهم في كل مكان.

بقي لي أن يسمح لي الرئيسان الموريتانيان الحالي بحكمته ونخوته، والمقبل بصفحه وطموحه، باقتراح صغير يقضي بدعوة من بقوا من الرؤساء السابقين، والباقين على قيد الحياة، لمراسم تسليم واستلام الرئاسة!

لقد مات الرؤساء ولد دادة وولد السالك، وولد لولي، وولد فال، وإمباري، ولم يتبقَ منهم سوى ولد طايع وولد هيدالة وولد الشيخ عبدالله.. وكلنا ميّتون.. فما المانع من دعوتهم جميعًا إلى عُرس ديمقراطي جميل، تعلن فيه موريتانيا للعالم وعلى الملأ: طي صفحة الوصول إلى الكرسي بانقلاب؟!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store