Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

صفقة أم صفعة.. فرصة أم قرصة.؟

إضاءة

A A
حتى الآن لم نعرف المقابل الذي ينبغي على الفلسطينيين والعرب دفعه مقابل ذهب «صفقة القرن» التي سماها مستشار الرئيس ترامب وصهره جاريد كوشنر «فرصة القرن»!، لقد تمحورت «ورشة المنامة» أو أسفرت عن ضخ 50 مليار دولار على عشر سنوات للضفة الغربية وقطاع غزة ودول الجوار، فما المقابل المطلوب حتى تتم الصفقة، وبعبارة أوضح ما الذي يريده كوشنر مقابل هذه الهبات الدولية؟!

دعك من تأكيد الإدارة الأمريكية وتحديداً إدارة الرئيس ترامب على أنها «الخطة الأكثر طموحاً وشمولية في تاريخ الجهود الدولية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني»، ودعك من اتفاق كل من السيدين ستيفن شوارزمان مؤسس مجموعة «بلاكستون» الأمريكية، ومحمد العبار مؤسس شركة «إعمار العقارية» -مع الاحترام التام لهما- على أن منطقة الشرق الأوسط «منطقة سهلة للقيام بالأعمال».. دعك مؤقتاً من تلك التصريحات أو الأمنيات، وأعد السؤال معي: ما هو المقابل المطلوب تقديمه من المستفيدين الواردة أسماؤهم في الصفقة وهم الضفة الغربية وقطاع غزة أو فلنقل الفلسطينيين ودول الجوار التي لم يعد محرجاً ذكرها طالما بات كل شيء على الملأ؟!

فإن قلنا إن 27,4 مليار دولار للضفة وغزة ثمن نسيان القدس وعودة اللاجئين على سبيل المثال لا الحصر، فما هو المطلوب من مصر العروبة حتى تحصل على 9,1 مليار دولار، ومن أردن التحمل كي تكسب 7,4 مليار، ومن لبنان الصمود حتى يأخذ 6,4 مليار؟! وبالمناسبة ما سر الإلحاح بل النجاح في بناء شبكة نقل، وتقليص المصروفات والتعاون بين مصر واسرائيل والأردن «لتسهيل حركة الناس والسلع»؟! وما علاقة ذلك ليس بصفقة أو فرصة القرن، وإنما بالحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة وعلى نقاط التفتيش في الضفة؟.

أقرأ هنا في تفاصيل خطة كوشنر المنشورة في «الشرق الأوسط» وأتساءل ببراءة أو بدونها عن سر تخصيص عشرات الملايين من الدولارات تهدف لتحقيق «اتصالات أوثق بين قطاع غزة وسيناء في مصر»، فضلاً عن تحديث خطوط الكهرباء بينهما «بين غزة وسيناء» وكأنه ربط جغرافي وسياسي لا كهربائي»!

لقد ذكرت الخطة كذلك، أهمية تعليم الفلسطينيين ونصت على 500 مليون دولار لتأسيس جامعة فلسطينية، تكون بأمر الخطة « ضمن أفضل 150 جامعة عبر العالم».. وعندك 100 مليون دولار لبناء مدارس، وضمان التعليم بأسعار مناسبة!! كما ذكرت الخطة وبحنان بالغ أيضاً أهمية صحة الفلسطينيين فقررت «تخصيص مئات الملايين من الدولارات لخفض معدل وفيات الرضع، ورفع متوسط العمر المتوقع من 74 عاماً الى 80» الله أكبر! وفي مجال الثقافة «خذ عندك» 150 مليون دولار لبناء مركز ثقافي ومتحف، وعندك 800 مليون دولار لدعم الفنانين والموسيقيين والكتَّاب؟!

لن نتحدث عن مصادر هذه الأموال، ودور البنك الدولي أو أي بنك أو جيب آخر، ولا عن جرعات الحنان التي ينشرها كوشنر للفلسطينيين من قبيل أن «الولايات المتحدة تحاول مساعدتكم من أجل مستقبل أفضل يبنى على الكرامة وخلق الفرص»! أي كرامة تلك التي ينتظرها الفلسطينيون بعد اعلان الرئيس في فبراير 2017 عدم تأييده لقيام دولة فلسطينية، ثم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؟! أي فرص تلك والإدارة تقرر في 2018 إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن؟!

ما قيمة رفع الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بأكثر من الضعف، وخلق أكثر من مليون فرصة عمل للفلسطينيين، بل وخفض مستوى البطالة، وأنت لا تؤيد قيام دولة فلسطينية؟ وهل المطلوب ضخ مليون يد فلسطينية عاملة لخدمة «دولة إسرائيل»؟

لقد كشفت ورشة «فرصة القرن» عن مدى القلق والتوتر والتردد ولا أقول الخجل الذي يعتمل في صدر كوشنر، مخافة أن يطرح النصف الآخر من الصفقة، الذي يمكن تسميته بالتعبير الاقتصادي والسياسي أيضاً ثمن هذه الهدايا والهبات! فإذا أضفنا إلى ذلك مقاطعة أصحاب الشأن لها، وتأكيد الدول العربية المشاركة على قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، تصبح أحلام أو آمال السيد كوشنر أشبه بأحلام الفتى الطائر!

أخيراً وبالمفهوم أو الحساب الاقتصادي والسياسي عن ثمن صفقة أو فرصة القرن « 50 مليار دولار» ونسب التوزيع على النحو الوارد في الخطة: ما أتفهها من نسبة، وما أتفهه من ثمن!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store