Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حليمة مظفر

الجِن في جدة القديمة: من قتل صالح!؟

A A
مهما أخذتك الحكايات والأساطير أو شاهدت أفلام الرعب التي لا أحبها بكل صراحة، إلا أنك لن تتوقع مثلي يوماً بأن تكون في حضرة الجن وجهاً لوجه، داخل بيت قديم مهجور ومُظلم لا يقل عمره عن 200 سنة في حارة من حارات جدة القديمة.

فهل تخيلت يوماً أن تحضر مسرحية في بناية عمرها 200 عام!؟ حصل فعلاً في المنطقة التاريخية، وبدلاً من الجلوس لمشاهدة قد تنتهي بالملل؛ يتم استدعاؤك للتحقيق ومعرفة من قتل صالح الدهاليزي الذي سقط من سطح المنزل ومات! فينتهي أهل الحارة بأن الجن من قتلوه!

ربما اعتدنا رمي أخطائنا البشرية على شماعة الجن!! لكن هذه المرة رفضوا ذلك وكانت النتيجة استدعاء البشر إلى عالمهم وإعادة إحياء الأرواح التي عاشت تفاصيل الجريمة منذ 200عام، لترى بعينك حياتهم في تلك الحقبة الزمنية كيف كانت.. أزياءهم.. لعب أطفالهم.. طعامهم.. وكل التفاصيل الصغيرة التي نجهلها عن أهالي جدة القديمة، إنك تدخل حجرة وتخرج إلى أخرى وكأنك واحد منهم ولست فرداً من الجمهور حتى تتكشف لك الحقيقة وتعرف من قتل صالح الدهاليزي.

ما سبق كان إخراج المخرج الأمريكي «تود وينز» لمسرحية «بيت الدهاليزي» ومن تأليف الصديقة العزيزة د. لمياء باعشن، والتي تم تنفيذها داخل بيت عائلة الجمجوم ضمن فعاليات وزارة الثقافة في المنطقة التاريخية.

ولا أتحدث هنا من باب أني أحد الجمهور الذي استمتع بالتفاعل مع المسرحية داخل بناية قديمة يصعد طوابقها ويدخل غرفها للفرجة، إنما أتحدث من باب كوني متخصصة في المسرح الذي كان محطة دراستي في الماجستير، فهذا النوع من المسرح يتم تنفيذه تحت عنوان (بيت الدهاليزي) ويسمى بالمسرح التفاعلي، نوع وليد مُبتكر ضمن أنواع المسرح الكثيرة التي ولدت منذ القرن الماضي كمسرح الشارع والمسرح الشعبي ومسرح الغرفة وغيرها من الأنواع الحديثة التي تطورت مع تطور المجتمعات والمنافسة الشديدة في التشويق والمنبثق من كسر العلاقة التقليدية مع الجمهور والخروج به من صندوق المسرح التقليدي.

و»بيت الدهاليزي»أنموذج حقيقي ودرس أكاديمي للمسرح التفاعلي الذي جعل جمهوره جزءاً من الحدث ومشاركاً فيه حتى النهاية محققاً المتعة والإثراء المعرفي؛ وإن كنتُ شاهدتُ من قبل مسرحيات ضمن فعاليات ثقافية سعودية أطلق عليها أصحابها مسرحاً تفاعلياً لكني أجد «بيت الدهاليزي» الانطلاقة الحقيقية لهذا النوع التشاركي ليس فقط على المستوى السعودي بل على المستوى الخليجي.

بصدق؛ جهد مشكور لوزارة الثقافة في تبني هذا العرض المسرحي؛ ولولا دعوة الصديقة د. باعشن كي أحضر وأستمتع به لما عرفتُ عنه؛ وكثيرون مثلي لا يعرفون أن هناك ولادة مبتكرة لنوع مسرحي تتبناه وزارة الثقافة في تاريخ المسرح السعودي؛ لهذا أتمنى ألا يكون مجرد حدث ثقافي عابر ضمن فعاليات موسم جدة، بل يتم تعزيزه بما يساعد تنمية وتطوير هذا النوع المسرحي المبتكر والمنافسة فيه.

أخيراً: عزيزي القارئ لا تفوِّت «بيت الدهاليزي» وفرصة اللقاء مع الجن.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store