Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

ماذا بعد موسم جدة؟!

A A
موسم جدة أحدث معجزة في هذا الصيف، استطاع أن يرطب حرارة الجو ويحيل جدة إلى عروس فاتنة، لم أتمكن من اكتشاف فتنتها والموسم يوشك على الرحيل، رغم إلحاح ابنتي التي جابت موسم جدة عرضًا وطولاً بحفلاته ومطاعمه وكل مساحاته الجمالية والترفيهية، ولم تفكر في مغادرة جدة رغم حجزها لتذكرة حفلة «سيلين ديون» في لندن قبل أن تتضح معالم موسم جدة، الذي أغراها بإلغاء السفر، هو هذا ما كنا نبحث عنه، أو نحلم به، لماذا نجهز حقائبنا في كل إجازة ونغادر الوطن إلى كل وجهة رغم أن بعض الوجهات ترهق أعصابنا وتبتز أموالنا، لكننا نضحي بكل هذا من أجل اقتناص متعة التمتع بالبحر أو حضور حفل غنائي أو الذهاب إلى قاعة السينما، الآن ليس لدينا حجة!

عندما أقنعتني ابنتي أخيرًا بالخروج إلى الواجهة البحرية والجلوس في جزيرة شبابيك الرائعة والجمال يحيط بك والبحر من خلفك كنا نتساءل: هل نحن في جدة؟ متى تم كل هذا؟ متى نما الشجر؟ كما قالت صديقتي التي تسكن قريبًا من الواجهة البحرية.

فكرت في من ينتقد كل شيء وهو جالس في عزلته لا يرى ولا يسمع، فقط يتابع الأكاذيب والافتراءات التي تسعى لتشويه كل ما يحدث على أرض الوطن، لماذا نحكم على الأشياء قبل تجربتها؟

أعترف أنني كنت أنتقد الموسم لأني ظننت أنه فقط هذه المطاعم الباهظة والحفلات التي لا تتاح للجميع، لكن عندما رضخت لإصرار ابنتي بهرني الجمال على امتداد الواجهة البحرية التي ذهبنا إليها، الأكشاك الجميلة، والباصات التي تنقل مرتادي الواجهة من مواقف سياراتهم ثم تعود بهم، ألعاب للأطفال، مسرح للطفل، سينما مفتوحة، جلسات، ومجسمات جمالية، وأضواء ملونة بأشكال فنية، حقيقي لا يستوعب المقال ما رأيته في منطقة واحدة من المناطق التي يغطيها موسم جدة، بالإضافة إلى التنظيم الذي جعل من كل هذا متعة دون ارهاق الزحام أو الفوضى.

انسيابية الحركة وعدم التكدس في منطقة واحدة، والخدمات المتكاملة، النظافة والحمامات التي تخضع لتسعيرة رمزية تساهم في الحفاظ على نظافتها ربما، عروض تناسب الجميع، فقط عيش التجربة، وأنت تنسى حتى صيف جدة مع نسمات الهواء العليل على البحر.

جولتي الأولى في موسم جدة بدأت بجدة التاريخية، كانت جوله جميلة تعرفت فيها على بيت نصيف التاريخي، وجلست خلف مكتب الملك عبدالعزيز -رحمة الله عليه-، ووقفت بجوار صورته والتقيت في سطحه بالابنة رازان نصيف التي كانت تستقبل الحضور هي وشقيقتها وتشرفان على الضيافة، هو هذا التنظيم الذي يتيح للجميع المتعة دون تكدس أو ازدحام رأيته أيضًا في الواجهة البحرية، في جدة القديمة في كل مكان فعالية يتحلق حولها الزوار نساءً ورجالا وأطفال، رغم أنها لم تكن زيارتي الأولى إلا أنها في موسم جدة مختلفة!

حظينا من المرشد المرافق معنا بشرح مفصل عن تاريخ المبنى الذي أصبح مقرًا للمجلس البلدي، وكذلك بيت نصيف وكثير من الأماكن والمنازل ومسجد الشافعي الذي تم ترميمه.

القضية التي أصبحت تشغل الجميع خصوصًا الشباب الذي عاش الموسم بكل زخمه وانبهاره، وبدأ يقارن بين سفراته الماضية، وما وجده في موسم جدة من حراك أشبع شغفه وملأ وقته، ماذا بعد انتهاء الموسم؟ هل تزال كل هذه المطاعم الجميلة والجلسات التي على البحر، أم أنها ستبقى لأن الجو عندما يعتدل في جدة تصبح مختلفة كما أنها تتحول إلى وجهة للسياحة الداخلية، وأهلها بحاجة إلى كل هذه الأماكن الجميلة وإلى هذا التنظيم واستمرار الخدمات على مدار العام بحيث تظل جدة ليست فقط عروس البحر الأحمر، بل عروس فاتنة بشواطئها ومطاعمها وأبنيتها وناسها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store