Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

رحلة حج ميرزا عبدالله!!

A A
في كتابه (الحج إلى المدينة ومكة)، ذكر الإنجليزي (ريتشارد برتن) الذي أصبح (ميرزا عبد الله): أنه غادر لندن بداية 1853م إلى مصر، وهناك تعرف على شاب من مكة يدعى محمد والذي سيصبح رفيقه في الرحلة. انضم الى قافلة مصرية قاصدةً الحجاز في رحلة شاقة، غادر ومعه 80 جنيهاً من الذهب خبأها في حزام جلدي، وكانت أدواته كما يلي: مسواك للأسنان وقطعة صابون ومشط خشبي مع حقيبة بها مجموعة من الثياب، إضافةً الى قِربة ماء وسجادة فارسية ووسادة. صعد على المركب الذي كان سيأخذهم إلى ينبع، كان في المركب حوالي سبعة وتسعين حاجاً في حين سعة المركب ستون فقط. بعد اثني عشر يوماً وصل المركب الى شاطئ ينبع. وفي طريقهم الى المدينة، وبينما كان الحجاج يعبرون أحد الممرات الجبلية هاجمهم عدد من اللصوص، لكنهم أخيراً وصلوا الى المدينة. قضى (برتن) في المدينة شهراً كاملاً شغل نفسه بزيارة معالمها والكتابة عنها، ولقد أضاف بكتاباته تلك الكثير لما سبق أن سجله الرحالة السويسري (بريكارد). نزل الحاج ميرزا ومرافقه في منزل الشيخ حميد، ويقول: «إن أولاد البيت كانوا يركضون نصف عراة». عندما وصلت للمدينة قافلة الشام قادمة من دمشق متوجهة لمكة، انضم إليها (برتن)، وكان فرحاً بما سيراه في تلك الرحلة، غادرت القافلة الى مكة عبر الطريق التي انشأتها زبيدة زوجة هارون الرشيد، وفي طريقهم الى مكة كانت السماء نحاسية وكانت عنزاتهم تموت كالذباب ورياح السموم تلقي بالجمال أرضاً. في الطريق هاجمهم البدو من جديد، ولم يستطيعوا تفريقهم إلا بعد قتال عنيد. دخلت القافلة مكة ليلاً وكان عليه الانتظار حتى يبزغ الفجر ليرى وللمرة الأولى الكعبة المشرفة والمسجد الحرام. اتخذ ورفاقه مسكناً لهم بجوار المسجد الحرام، وفي الصباح نهضا وشقَّا طريقهما مع الحشود الى بيت الله وبئر زمزم الذي وجدوه غير نقي ووجدوا صعوبة عند محاولة الاقتراب من الحجر الأسود بسبب ضغط الحجاج. تلك كانت هي ذروة مطمحه من كل تلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر. وخط في كتابه عن الكعبة، ما نصه: « أخيراً وصلت إليها، هي مطلبي الأول من كل رحلتي المضنية رأيتها كتابوت ضخم تغطيه ظلال قاتمة، لكن هنالك من الخيال سراب يعطيها فتنة مميزة وسحراً خاصاً. ليس فيها شيء من بقايا آثار العصور القديمة كما هو الحال في مصر، وليس فيها من جمال آثار كما هو الحال في اليونان، ولا بهاء مباني الهند، وبالرغم من كل ذلك فقد كان منظرها غريباً ومتفرداً». أدى الحاج (برتن) كل مناسك الحج المعقدة ممتطياً حماراً (حسب وصف الكتاب) ولقد سجل بدقة كل تفاصيلها الدقيقة. دخل الكعبة وقام برسم ما شاهده على حاشية ثوب إحرامه الأبيض. زار (برتن) كل الأماكن التاريخية في مكة وما حولها، وكتب بتوسع عن عادات وتقاليد سكانها. وبعد الانتهاء من الحج ذهب الى جدة ورأى معلمها الوحيد ضريح (حوا)، وبعدها صعد الى السفينة الإنجليزية عائداً إلى بلده.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store