Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. محمد رشاد بن حسن مفتي

من العاقل؟!

A A
من العاقل الذي يُصدِّق أن مليشيا الحوثي تملك القدرة التقنية على تصنيع طائرات مسيّرة قادرة على إصابة أهدافها بدقة، وقبل ذلك التحكم في هذه الطائرات وتوجيهها لمسافات طويلة من اليمن؟!.. لن يصدق ذلك إلا مغفل أو عميل لإيران.

حتى طائرات الدرون الأمريكية؛ ومع أنها من الدول القليلة المتقدمة التي تملك طائرات مسيّرة طويلة المدى؛ فإنها عندما يتم استخدامها لاستهداف أهدافاً (مثلا)، للقاعدة في حضرموت، أو أهداف أخرى في أفغانستان أو في باكستان، فإن طائرات الدرون، تقلع من قواعد قريبة محلية بالقرب من أهدافها.. حتى الطائرة المسيرة الأمريكية، التي أسقطتها إيران مؤخرًا يقال إنها أقلعت من قاعدة عيديد الأمريكية في قطر.

أبعدَ كل ذلك هناك مَن يصدق أن مليشيات الحوثي هي من قامت بالهجوم على معامل أرامكو في أبقيق؟!. المنطق والعقل يقولان إن هذه الطائرات أتت من مكان قريب جدًا، إما من الشرق أو من الشمال.. وسواء كان ذلك من أي جهة مجاورة للمنطقة الشرقية، فإن أصابع إيران في هذه العملية واضحة جدًا.

وستؤكد ذلك التحريات والتقصيات التي تجريها دول التحالف والولايات المتحدة.. أما لماذا يجب على الولايات المتحدة أن تكون معنية أكثر بما حدث، فلأن هذه العملية تتعدى تأثيراتها الاقتصادية إلى العسكرية.. فلا يمكن الآن للاستراتيجيين العسكريين الأمريكيين إغفال الدور الإيراني في هذه العملية الإرهابية.. وكيف أن إيران قادرة على ضرب أهدافا أخرى في الخليج بما فيها العسكرية للدول الكبيرة. ولو مرت هذه العملية مرور الكرام، فقد تكون الحاملات الأمريكية مثلاً، مهددة بالاستهداف ولو جزئياً مستقبلا. ألم تُهدِّد إيران بذلك علنياً؟!.

ولعلَّ ردَّات فعل هذه العملية الخبيثة تتجاوز بعدها المحلي إلى الدولي.

ولكن ما يخشى منه أن تكتفي المنظمات الدولية والدول الكبيرة بالإدانة والاستنكار، والذي لن يفيدنا بشيء، ويخشى أن ترضخ هذه الدول لتهديدات إيران بإشعال المنطقة، وتبدأ هذه الدول في المساومات السياسية وعقد اتفاقات مع العدو الفارسي على حساب دول المنطقة ومصالحها.

والسؤال: ألا يحق لدول المنطقة أن تمارس ضغوطاً هي الأخرى، ولتكن اقتصادية، على كافة الدول المعنية للتدخل لكبح جماح الإيرانيين. وبما أن الضرر قد حصل (ورب ضارة نافعة)، وانقطعت نصف إمدادات النفط من المملكة، فإنه من الممكن أن نطلب من الدول الأخرى المعنية وخصوصاً الأوروبية، (إذا كان يهمهم استمرار ضخ النفط)، أن عليهم المساهمة الفنية والتكاليف لإصلاح ما تم استهدافه بصواريخ إيران؟، أو طائراتها المسيرة.. ولماذا تتحمل المملكة فقط عبء المواجهة وحدها؟.

المصالح الدولية متبادلة. تريد نفطاً فعليك حمايته والكف عن المساومات على حسابي مع عدوي.

المنفعة الأخرى مما حدث، هو حقيقة أنك أحياناً ستكون مجبراً على اختيارات تحالفات أخرى مع مَن تريد، لتسليح جيشك وكل قواتك، وإمدادها بأشد أنواع الأسلحة قوة وفتكاً وتنوعاً، من الصاروخ للغواصة. يجب أن تشعر إيران بأن هناك جاراً قوياً شرساً بجوارها، وأن الخليج العربي هي منطقة نفوذ لبقية دول الخليج العربي أيضًا.

وعلى دول الخليج أن تعلم أنه ليس في مصلحتها أن تستفرد إيران (شريفة إحدى الدول الخليجية المارقة) بالمنطقة وتُهدِّد دولها. أما أن يحاول البعض المناورة واتخاذ مواقف مائعة، فعليه أن يعلم أن منطقة الخليج كلها في خطر من العبث الإيراني، والذي يجب الوقوف أمامه بكل صلابة.

وباختصار، تجاوز الايرانيون ومَن يتعاون معهم -مِن مليشيات وللأسف (دولة خليجية مارقة)- كل الخطوط، وبعد ذلك ليعلم الجميع أنه لا يمكن السكوت على ما حصل، ويجب الردع، حتى ولو أتى الردع متأخراً.

اللهم أدِم الأمن والأمان على وطننا الغالي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store