Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد مساعد الزهراني

رحيل رمز وحريق مَعْلَم..!

A A
* لم يكن الأسبوع الماضي أسبوعاً عادياً، فقد أرَّخ لحدثين يمثلان مصابًا جللاً، أسهما في اتساع رقعة الحزن بامتداد مساحة الوطن، وفي ذلك أحسب أن ما حصل من تفاعل معهما يمثل مقياسًا شفافًا للوطنية، وما ذلك السيل الجارف من التفاعل مع الحدثين إلا تأكيد على أن الوطنية بخير، وأن حاجة الوطن إلى أبنائه في وقت حزنه، أكبر من حاجته إليهم والجميع يتفيأ ظلال فرحه.

* فقد كان الحدث الأول هو فقد اللواء عبدالعزيز الفغم، الذي لم يكن في حياته رجلاً عادياً، وعليه فإن رحيله أبداً لا يمكن أن يمر هكذا دون أن ينبض بالحزن على رحيله كل قلب يثمن للوطن رموزه، وينزلهم منزلتهم أحياءً، وأمواتاً.

* رحل عبدالعزيز الفغم -رحمه الله- وترك خلفه آلافًا مؤلفة من القلوب التي عرفته من خلال عمله، حارساً أميناً، ومؤتمناً يقظاً، ومرافقاً تجاوز في تفانيه في أداء عمله إلى حيث البر بملوك هذا الوطن: عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- وسلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-.

* ذلك البر الذي يثمنه كل أبناء الوطن، وهو الذي كان يقف خلف كل ذلك التفاعل مع صدمة رحيله، وكل تلك الدعوات التي لهجت بها الألسن بأن يتغمده الله بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يُلهم الوطن في فقده، وأمثاله الصبر والسلوان، وأن يربط على قلبه، ويحسن عزاءه.

* ثم يأتي الحدث الآخر الذي تنفس من ذات رئة الحزن، وفي ذات الأسبوع، حيث حريق محطة قطار الحرمين في جدة، وهو حدث يقف الحرف على قارعة ذهول الصدمة، والدخان الأسود يتصاعد من معلم «كان صرحاً من خيال فهوى».

* دقائق قضت على كل شيء، وأبقت في المآقي دموعًا حائرة، وصرخة أنفس مكلومة على منجز عزيز على قلب كل غيور على منجزات الوطن، وأسئلة تطلق هكذا «بوادي لا صدى يوصل، ولا باقي أنين» فبالله عليكم كيف لصرح عملاق كهذا يفتقد لما يجب أن يكون عليه من أحدث وسائل الأمن والسلامة، ومكافحة الحريق، فضلاً عن أن يكون بناؤه مقاوماً للحريق.

* فهل هو الفساد الذي يقصر نظره حد لا يرى إلا جيبه، ويطول حد لا يرى إلا نهم تنمية رصيده، أما الوطن -هدف جشعه - فهو خارج اهتماماته، إلا أن الأحداث أثبتت أن أمر كل مفسد سيفتضح ولو بعد حين، إن لم يكن على يد جند الأرض، فعلى يد جند السماء، تأملوا ذلك من سيول جدة إلى شبهة فساد حريق محطة قطار الحرمين.

* وبين تأكيد ذلك ونفيه، دعونا ننتظر ما سوف تسفر عنه تحقيقات اللجان المشكَّلة.

وهنا أعود إلى تصريح الأمير خالد الفيصل الذي أكد على الانتظار حتى انتهاء التحقيقات التي ستضع الجميع في صورة ما حدث.

فاللهم احفظ وطننا من كل مكروه، اللهم آمين، وعلمي وسلامتكم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store