Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

تحصيل الفوائد.. من حديث المصاعد!

الحبر الأصفر

A A
هُنَاك نَظريَّاتٌ كَثيرَة فِي عِلْم التَّنميَة البَشريَّة، ولَكن أُفضِّل بَعضها أَكثَر مِن غَيرهَا، ومِن النَّظريَّات التي أُحبّها، وأُحَاول تَطبيقهَا فِي أَغلَب مُحَادَثَاتِي، هِي نَظريّة «حَديثُ المصعَد»، هَذه النَّظريَّة تَقول: افتَرض أنَّكَ قَابلتَ مُصَادَفَة مُدير شَركة كَبيراً، مِثل رَجُل الأَعمَال المِصري «نجيب سويرس»، وصَعَدتَ مَعه فِي المصعَد، وأَطوَل عَمليّة صعُود لَا تَزيد عَن دَقيقَة ونِصف، وتُريد أَنْ تُقنِعه بمَشرُوعِك، فكَيف تُقنعه فِي حدُود دَقيقَة ونِصف؟.. بمَعنَى آخَر: كَيف تَكون مُوجِزاً؛ مِثل «هُدهد سُليمَان»، الذي اختَصر البَرقيَّة فِي كُليمَات مَعدُودَات قَائِلاً: (إنَّه مِن سُليمَان، وإنَّه باسم الله الرَّحمن الرَّحيم، ألاّ تَعلوا عَليَّ وأتُوني مُسلِمين)..!

نَعم، تَستَطيع ذَلِك إذَا تَدرَّبتَ عَليه، مِن خِلَال ثَلاث نَصَائِح:

1- تَكلَّم عَن الوَضع الرَّاهِن، والحَقَائِق والمَشَاكِل، ولَكن لَا تَطرَح الحَلّ..!

2- تَكلَّم عَن المُشكِلَة مُبَاشَرةً، والتَّعقيدَات والسَّلبيَّات، ومَاذَا سيَترتَّب عَلَى إهمَالِ المُشكِلَة، ويُستَحسن أَن تُبَالِغ، حَتَّى تُهيئ المُستَمِع لانتظَار الحَلّ..!

3- ابدَأ بطَرح الحلُول، أَو طَرح مَشروعك؛ الذي تُريد تَمريره لرَجُل الأَعمَال..!

يَا قَوم، إنَّ حَديث المَصَاعِد مَهَارَة، تَتطلَّب الإتقَان، والجَدَارَة والثِّقَة، كَمَا أَنَّهَا تَرتَكز عَلَى أَربَعة أمُور:

أوَّلاً: الإيجَاز، وتَعنِي الاختصَار، لأنَّ كُلّ فِكرَة، لَديهَا وَقت مُحدَّد، لَا يَتجَاوز الثَّلاثين ثَانيَة..!

ثَانياً: يَجب أَنْ تَكون الأَفكَار سَلِسَة وسَهلَة الفَهم، لأنَّ المُستَمِع لَيس لَديه وَقت للتَّدبُّر، والتَّسَاؤُل عَمَّا يَدور فِي رَأسِك..!

ثَالِثاً: يَجب أَنْ تَكون الأَفكَار مُثيرَة للفضُول والدَّهشَة؛ للوَهلَةِ الأُولَى، بحَيثُ تَجعل رَجُل الأعمَال يَقول: تَواصَل مَع سِكرتيري..!

رَابِعاً وأَخيراً: مِن الجيِّد أَنْ تَكون الفِكرَة وَاضِحَة، وغَير قَابِلَة للجَدَل والتَّشكيك، لأنَّ الوَقت لَيس فِي صَالِح صَاحِب المَشرُوع، أَو صَاحِب الفِكرَة الجَديدَة..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: لقَد قَالَت العَرَب: «البَلَاغَة فِي الإيجَاز»، ولَيتنَا نُحاول أَنْ نَختَصر فِي طَلبَاتِنَا وفِي مَشَاريعنَا، لأنَّ أَوقَات النَّاس مُهمَّة، ورَحِمَ الله امرَأً؛ قَال فأَوجَز، وتَكلَّم فاختَصَر..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store