Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

واقع التعليم العالي في المملكة!!

A A
بدايةً ما كان مقبولاً بالأمس من مدخلات للتعليم العالي ليس بالضرورة أنه كذلك اليوم لعدة أسباب، منها اختلاف الأهداف واحتياج سوق العمل ناهيك عن الأيام قال تعالى: «وتلك الأيام نداولها بين الناس».

دعونا نعُدْ إلى الوراء قليلاً الى ما قبل ما يسمى بالطفرة، لم يكن يلتحق بالتعليم الجامعي من خريجي الثانوية وقتها إلا المتفوقون منهم ولم تزد نسبتهم عن 40% على وجه التقريب، أما البقية فكانت تتوزع على البدائل وقتها، الانخراط في سوق العمل أو الالتحاق بالمعاهد المهنية والتدريب الذي ينتهي بالتعيين في الشركات الكبيرة وغيرها.

ما حدث بعدها لم يكن معجزة بقدر ما كان كارثة إذا جاز التعبير، فأصبحت الجامعات تقبل جميع خريجي الثانوية العامة تقريباً بغض النظر عن المستوى وفي أدق التخصصات نتيجةً انعدام البدائل الأخرى أمام الخريجين. وكان لا بد مع هذا العدد الهائل من المقبولين أن يكون ذلك على حساب مستوى مخرجات التعليم العالي، فانحدر المستوى العام وأصبح ظاهرة ملموسة ليس فقط في الكليات النظرية فقط بل في العلمية أيضاً، لدرجة أن البعض أصبح يطلق على بعض الجامعات تندراً أنها أصبحت مدارس ثانوية عالية!!.

فقد تكدَّست الأعداد الهائلة من الطلبة في القاعات الدراسية، وتراكمت بنفس العدد في المختبرات والمعامل وتكوَّمت في المكتبات والمدرجات، لدرجة أن الطلبة أصبحوا في بعض الكليات يتصاعدون على أكتاف بعضهم البعض ليشاهدوا أستاذ المادة وهو يشرح... ولم يجد طلبة الطب مثلاً، بسبب العدد الكبير من المقبولين فرصة ليفحصوا مريضاً أو يُشرِّحوا جثة أو يخيطوا جرحاً وأصبح وللأسف تعلُّم الطب في بعض الكليات شفوياً، ولم يكن الأمر محصوراً على الكليات الطبية فقط بل امتد إلى الكليات العلمية الأخرى.. وبسببه تخرَّج الألوفُ من هذه الكليات دون أن يفقهوا شيئاً في تخصصاتهم، وهبط المستوى العام لدرجة أن الخريج السعودي أصبح مرفوضاً وللأسف في سوق العمل.

واللافت للنظر أن انحدار المستوى العام لبعض الخريجين أصبح ظاهرة ملموسة ليس فقط في الكليات العلمية ولكن في الكليات النظرية أيضاً فتراجعت اللغة العربية الفصحى وشاعت الأمية اللغوية، وكان لابد مع هذا التكدُّس والكم الهائل من المقبولين أن يهبط الكيف إلى مستوى متدنٍ، فما الحل؟.

الواجب أن يكون هناك بدائل سيما ونحن نعيش رؤية التحول الى الاقتصاد المعرفي، فعلى مؤسسات التعليم العالي وضع الخطط الإستراتيجية لتحقيق الرؤية. الجامعات لا تستطيع الصرف على هذا العدد الكبير من الطلبة، فيجب أن تختار من المتفوقين للصرف عليهم حتى يكون ذلك حافزاً للتفوق. المناهج يجب النظر فيها بحيث يشطب منها الحشو وتتغير العملية التعليمية من الأسلوب القديم المعتمد على الحفظ الى الأسلوب الحديث المعتمد على دعوة العقل إلى التفكير والإبداع لأننا نعيش عصر التقنية وثورة الاتصالات والمعلومات، فلابد من تغير أساليب التعليم تماماً، لابد أن تتحول الجامعات إلى جامعات ريادية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store