Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

اللبنانيون والتظاهر والسفير السعودي!

A A
يدهشك الشعب اللبناني، في كل أزمة يمر بها، لا يتخلى عن تعامله الراقي مع الأحداث، منذ الحرب الأهلية اللبنانية، كانت الأوضاع الأمنية في ذلك الوقت خطيرة، لكن الشعب اللبناني لم يتخلَّ عن الحياة، الحياة كما أدمنها اللبناني، حياة الفرح والبهجة.

حزب الله في لبنان، كارثة الكوارث، لبنان، باريس الشرق كما كان يطلق عليها، لا زالت تعيش على صفيح ساخن، وصل إلى درجة الاشتعال؛ حرائق ضخمة اجتاحت لبنان الأسبوع الماضي «منطقة الشوف بمحافظة جبل لبنان» أكثر من مئة حريق في أجزاء كبيرة من الأراضي اللبنانية، اشتعل معها الغضب المتراكم في نفوس اللبنانيين، فخرجوا في مظاهرات تعبيراً عن رفضهم للأداء الحكومي الذي أدى إلى تدهور الاقتصاد وتدني مستوى الخدمات وأشياء أخرى يدركها الشعب اللبناني الواعي، حتى لو كانت جذوة النار ضريبة الواتس، إلا أن تراكمات الغضب أكبر من محاولات الحكومة اللبنانية امتصاص غضب الشارع.

لبنان، دخله من السياحة الخليجية بشكل خاص، تحول إلى الفوضى والاضطرابات نتيجة توغل بؤرة الصديد «حزب الشيطان»، في شؤون دول الجوار، وعجز الحكومة عن توفير أبسط الخدمات، مما أدى إلى تدني عدد السياح، وأصبحت لبنان بدون سياح، وتم إغلاق بعض المناطق السياحية الحيوية التي كانت مكتظة بالسياح كـ «السوليدير».

انتفاضة اللبنانيين الأخيرة ضد الفساد السياسي والاقتصادي شأن لبناني بين الشعب وحكومته، رغم أن لبنان لها في قلوبنا منزلة خاصة، فكل منا لديه ذكريات مع لبنان أو اللبنانيين، الذين استطاعوا النجاح في كل بلد عملوا فيه سواء بشكل مؤقت أو دائم كالمهاجرين الذين يفوق عددهم عدد سكان لبنان، مع ذلك تابع العالم اللبنانيين في الشوارع بشغف وإعجاب، لم يهجموا على المتاجر ولم يهشِّموا الزجاج، لم يتقاذفوا بالطوب أو الشتائم، رغم أنهم طوائف متعددة، لكنهم في الشارع شعب واحد، بهر العالم بأساليب التظاهر المبهجة التي لا تريق الدماء ولا تعيث الفساد، بل قاموا بتنظيف الشوارع، والمحافظة على رتم الحياه اللبنانية الجميل والمبهج.

وسط هذه الأزمة التي هي ليست الأولى التي تنشب فجأة ويجد السياح أنفسهم عالقين ومقيدي الحركة في مقرات سكنهم، يأتي تعامل السفارة السعودية في كل أزمة سريعاً وإيجابياً لترحيل السعوديين، لكن خلال هذه الأزمة تكرر اسم، السفير وليد بخاري، لا أعرفه ولم ألتق به، لكن أسجل هذا الموقف الناصع البياض لعمل سفارة خادم الحرمين الشريفين في لبنان، فكلما تواصلت مع إحدى الصديقات للاطمئنان على أحبتها الذين وصلوا لبنان لحضور مناسبة أو شأن آخر، تشيد بأفعال السفير السعودي، يتصل ويتواصل ويطمئن حتى جلوسهم على مقاعدهم في الطائرة، توفير طائرات لنقلهم دون انتظار أو تأخير، كل هذا يؤكد أن شخصية المسؤول وفهمه لمقتضيات وجوده في منصبه هي التي تعطي للمنصب قيمته وأهميته.

نحن نتحدث هنا عن «سفير» تجرد من بروتوكولات المنصب، وبدلاً من الاحتجاب في قلعته «السفارة» وإسناد هذه المهام لموظفي السفارة، تواصل مع المواطنين، وقام بتوفير وسائل النقل وتأمين وصولهم إلى المطار واطمئنانه عليهم داخل الطائرة شخصياً، بينما يرفض بعض السفراء مقابلة مواطن أحب أن يلتقي بالسفير في البلد الذي يزوره ليقدم له نسخة من إنتاجه الفكري أو الأدبي، أو يدعوه لمناسبة ثقافية تقام له أو يكرم فيها، وتصبح رؤية السفير أضغاث أحلام أو كابوساً بغيضاً بعد أن يمر المرء بتجربة مثل تلك.

لذلك دأب ولاة الأمر على توصية السفراء عند تقديم أوراق اعتمادهم بالاهتمام بالمواطن، فالسفارة تمثل وطن المواطن عزوته وسنده في الغربة مهما كان مستواه العلمي والاجتماعي، أياً كان عالماً أو جاهلاً، غنياً أو فقيراً، فهو يتمتع بحقوق المواطنة.

حفظ الله لبنان وشعبها الجميل وحفظ الله كل مسؤول يدرك أبعاد مسؤولياته ويؤديها بإخلاص وتفانٍ!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store