Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

هل نعيش حقا.. غفلة إنقاذ المستقبل من العطش؟!

A A
• أتفق تماماً مع طرح الدكتور محمد حامد الغامدي في مقاله المنشور الأربعاء الماضي في صحيفة اليوم في أننا نعيش بالفعل خطأ تاريخياً فادحاً في التعامل مع مياه الأمطار، فعلى الرغم من ندرتها إلا أننا لم نستطع صناعة لا البيئة ولا الوعي المجتمعي الذي يستفيد من هذه المياه.. بل صنعنا للأسف بيئة لافظة وطاردة ومهدرة لمياه الأمطار الشحيحة أصلاً.. حتى استراتيجية المياه الجديدة، لم تُقدِّم أي مشروع لحل مشكلتنا مع المياه.. فإلى أين نحن ماضون بالأجيال القادمة؟، وهل نعيش حقاً غفلة إنقاذ المستقبل من العطش؟!.

• لست بحاجة لأن تكون خبيراً في الهندسة كي تلاحظ التكامل الهندسي البيئي والتناغم الجميل بين المياه والمدن في كثير من دول العالم فيما يتعلق بالاستفادة القصوى من مياه الأمطار والثلوج التي تُعزِّز مواردهم المائية رغم كثافة مخزوناتهم المائية.. كما أنك لست بحاجة أيضاً لأن تكون على درجة عالية من الذكاء كي تلحظ تجاوزاتنا -حتى لا أقول جرائمنا- في التعامل مع مياه الأمطار الشحيحة أصلاً وإهدارها بشكلٍ مؤلم.. فهي تجاوزات يغيب عنها الرشد والحكمة، بل وحتى الوازع الديني والإنساني في كثير من الأحيان.. فنحنُ مثلاً نهتم ببناء الرصيف وننادي باحترامه، بينما لا نحترم مياه الأمطار، ولا نُعطي لها أهمية!.. ننشئ أنفاقا أسمنتية، بتكاليف باهظة، للتخلُّص من مياه الأمطار، في وضع أشبه بالتخلص من مخلفات القمامة.. رغم حاجتنا الماسة لكل قطرة من هذه المياه!

• قضيتنا مع الماء يا سادة لا تقف عند الهدر الاستهلاكي الذي تجاوز فيه استهلاك الفرد أكثر من (450) لتراً يومياً، بل تجاوزت هذا إلى الهدر المفزع الذي حدث للمياه الجوفية قبل سنوات حين استنزفنا أكثر من (700) مليار متر مكعب من مياهنا الجوفية الاستراتيجية على أحلامٍ زراعية طوباوية، فنت وأفنت معها الكثير من الآبار والعيون الثجاجة.. والأدهى أن الأمطار القليلة تأتي وتذهب دون أن نستفيد منها، لأن خططنا الهندسية ومواصفات مدننا وشوارعنا لا تنظر لهذه المياه إلا على أنها شرٌّ لابد من تصريفه والتخلص منه!.. أليس من المضحك أننا نصرف مليارات الريالات على تصريف السيول إلى البحر، ثم نعود بمليارات أكثر لنستخرجها منه لتحليتها ولجعلها مياه صالحة للشرب؟!

• تناقص المياه قضية أمن وطني، لذا فنحن بحاجة إلى استراتيجية بيئية وهندسية متكاملة تحترم الإنسان والنبات، بل وحتى قطرة الماء، التي يجب أن تُصان ويُستفاد منها بدلاً من إهدارها ثم العودة للتباكي عليها ومحاولة البحث عنها من جديد!.. الماء هو مجال حروب العالم القادمة.. فماذا أعددنا لهذه الحقيقة المرعبة؟! غير التناقض في إدارته، وإساءة استخدامه، واستنزافه وتلويثه بشكلٍ لا يحترمه كنعمة.

• ‏نظرا للفشل الذريع لجامعاتنا في إنتاج أبحاث جادة، ولكون بلادنا تدخل مرحلة تتميَّز بالاستثمار والخصخصة، فإنني أقترح إنشاء مراكز أبحاث مستقلة للعناية بالمياه والاستمطار والزراعة وتآكل الغطاء النباتي، ولها حق منح رخص للاستثمار في ابتكار حلول إبداعية علناً، نستطيع إنقاذ شيء مما يتم إهداره بدمٍ بارد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store