Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

توخّي الإجادة في إنتاج السعادة

الحبر الأصفر

A A
التَّدَاوي بالسَّعَادَة فِكرَةٌ حَالِمَة، فعَالَم الطِّب مُنهمك فِي مُكَافحة الأَمرَاض العُضويَّة، وكَذلِك الأَطبَّاء النَّفسيّون؛ لَا يَستَطيعون أَنْ يَضمنوا تَحقيق السَّعَادَة، لمُرتَادي عيَادَاتهم، حَتَّى بَعد اكتمَال شِفَائهم، لأنَّ السَّعَادَة مِن الأمُور الذَّاتيَّة، ولَا تُنتجهَا العَوَامِل الخَارجيَّة؛ التي تَقتَصر عَلَى التَّحفيز، وهو مَا تَنشده هَذه اليَوميَّات السَّعيدَات:

(الأحد): تَقولُ العَرَب إنَّ اليَأس أَحَد السَّعَادَتين، بمَعنَى أنَّك إذَا يَئِستَ مِن شَيء؛ ارتَحتَ مِن عَنَاء التَّفكير فِيهِ.. هَذا المَعنَى صَاغته الفَيلسوفة «جاردنر» حِينَ قَالَت: (أَصبَحتُ سَعيدَة؛ حِينَ تَأكَّدتُ أَنَّ السَّعَادَة صَعبَة المَنَال)..!

(الإثنين): وَاجِبَات المَرء كَثيرَة، فهُنَاك وَاجِبَات دِينيَّة، ووَاجِبَات وَظيفيَّة، ووَاجِبَات اجتمَاعيَّة، ولَكنَّنا نَغفل عَن جَانِبٍ مُهم، ذَكره أَحَد الفَلَاسِفَة، حِينَ قَال: (مَا مِن وَاجبٍ نَستَخف بِه؛ أَكثَر مِن وَاجِب السَّعي إلَى السَّعَادَة)..!

(الثلاثاء): مُحَاولة البَحث عَن السَّعَادَة؛ مِن شِيَم العُقلَاء، فإنْ وَصلُوا إليهَا، فقَد بَلغُوا المُنَى والزَّاد، وإنْ لَم يَصلوا إليهَا، فيَكفي أنَّهم سَعوا إلَى المُرَاد، وقَد بَسَّط ذَلك الفَيلسوف «جيمس» حَيثُ قَال: (لَيس مِن الضَّروري؛ أَنْ تَنَال مَا تَشتَهي مِن السَّعَادَة. يَكفي أَنْ تَكون قَادِرًا عَلَى ذَلك)..!

(الأربعاء): السَّعَادَة إنتَاجٌ وصِنَاعَة، ومَن لَا يَصنعهَا لَيس جَديرًا بِهَا، وقَد وَضع هَذا الشَّرط؛ الفَيلسوف السَّاخِر «جورج برنارد شو» حِينَ قَال: (حَقُّنا بالتَّمتُّع بالسَّعَادَة دُون إنتَاجهَا؛ لَا يَتعدَّى تَمتُّعنا بالثَّروَة دُون إنتَاجهَا)..!

(الخميس): تَتعدَّد مَعَانِي السَّعَادَة، بتَعدُّد النَّاظرين إليهَا، فمَا يَرَاه «سعيد» مُسعِدًا مُفرِحًا، يَرَاه «طارق» تَعيسًا مترحًا، وفِي ذَلك يَقول أَصحَاب الأَمثَال: (مَا أَصعَب النَّظَر إلَى السَّعَادَة؛ بعَين شَخصٍ آخَر)..!

(الجمعة): إنَّها لكَارِثَة أَنْ يَتصوَّر بَعض النَّاس؛ أَنَّ تقبُّل السَّعَادَة أَمر مُلزِم، وَاجِب الأَدَاء.. هَذه الكَارِثَة يَشنّعها الفَيلسوف «لورين» بكُلِّ بَسَاطَة، حَيثُ يَقول: (كُلُّ مَا تَأتيني بِهِ الحيَاة مِن السَّعَادَة، أَتقبّله بمُنتَهَى السَّعَادَة، ولَيس بشَيءٍ وَاجِب الأَدَاء)..!

(السبت): تَنَاول العَسَل كُلّ يَوم؛ يَجعله مَمجوجًا مَملولًا، وأَعتَقد أَنَّ السَّعَادَة لَيسَت بَعيدَة عَن هَذا، أَعنِي أَنَّ تَعَاطِيهَا كُلّ يَوم؛ يُفرغهَا مِن مَضمُونهَا، وقَد انتبَه إلَى هَذَا المَعنَى الفَيلسوف «موليير»، حَيثُ يَقول: (السَّعَادَة المُتوَاصِلَة شَيءٌ مُملّ)..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store