Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

برامج الأطفال بين الاستنساخ واستقطاب المختصين..!

A A
حدثتني صديقة؛ باستياء شديد حد الذعر من أحد برامج الأطفال على قناة سعودية بعنوان «الأمنية الخضراء»، ظننت في البداية أن استياءها ناجم عن انطباع شخصي ووقتي يدخل تحت بند صراع الأجيال ورفض أفكار وابتكار الجيل الجديد نظراً لاختلاف الثقافة والمفاهيم والعادات والتقاليد التي أصبحت تمثل فجوة كبيرة بين جيلي وأجيال الانترنت وقنوات التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد، لكن عندما شاهدت الحلقة على اليوتيوب، فهمت دوافع ذعر صديقتي، فهي مربية وموجهة في قسم اللغة الإنجليزية في تعليم البنات سابقاً، ولها خبرة تربوية عميقة تستطيع من خلالها التقاط ذبذبات الخطر الذي يتسرب إلى عقول وقلوب الصغار من خلال برنامج تلفزيوني يشتغل على كل الحواس التي تستقبل ببراءة وتحفظ في الوجدان وتخط في الذاكرة البيضاء سلوكيات وممارسات لا تتفق مع معتقدنا الإيماني، عندما شاهدت الحلقة أعجبتني فكرة تعويد الأطفال على العطاء بمنح أمنياتهم للآخرين، إلا أن الخطر يكمن في الفكرة بحد ذاتها.

نوعية البرنامج وفكرته مقتبسة من ثقافات غربية وشرقية نشاهدها في مسلسلاتهم وأفلامهم، أو عندما نزور بعض الدول والمناطق السياحية، ونشاهد إلقاء العملات المعدنية في بركة المياه مثلاً، بعد تمني أمنية، وانتظار تحقيق الأمنيات، وكأن للمكان أو الممارسة في حد ذاتها قداسة إلهية قادرة على الاستجابة وتحقيق الأمنيات! عقد خيط على شجرة، أو كتابة أمنية وتعليقها على الشجرة، ممارسات خاصة بمعتقداتهم ولا توافق معتقداتنا الإيمانية، فهي بهذا تشكل خطراً على وجدان وأذهان وثقافة الأطفال التي يتم تشكيلها -من غير قصد- حسب معتقدات ليس لها صلة وثيقة بثقافتنا الدينية.

البرنامج يضم مجموعة من الأطفال من أعمار صغيرة، بالإضافة إلى أنه موجه إلى أطفال في المنازل، أذهانهم ووجدانهم تربة خصبة تستنبت ما يغرس فيها، وهذا مكمن الخطر في البرنامج، مقدم البرنامج شاب سعودي، ربما يكون صاحب الفكرة أو أنه مجرد مقدم لكنه هو الذي يحث الصغار على كتابة أمنياتهم، وتعليقها في الشجرة الصناعية داخل حديقة عامة يتم تصوير البرنامج فيها على ما يبدو!.

لماذا تكتب الأمنيات وتعلق في شجرة الأمنيات كما أطلق عليها في البرنامج؟ هل لأن الشجرة تحقق الأمنيات؟ مع أني متأكدة بأن كل هذا ربما لم يخطر على بال مقدم البرنامج أو المعد أو المخرج، ربما كانت الفكرة الأساسية منح الأمنيات للآخرين ووجدوا أن ربطها في شجرة الأمنيات نوع من المرح والحركة في الحديقة، دون أن يفطنوا بأنهم يغررون بأمنيات الأطفال، ويحدثون تشويشاً لهم بين ما يمارسونه أو يشاهدونه في البرنامج وبين ما تحاول الأسرة تعويدهم عليه.

نحن بحاجة إلى استقطاب المبدعين خصوصاً في وسائل الاعلام المختلفة، لكن استنساخ البرامج والأفكار وتعريبها وإعادة إنتاجها لأطفالنا وشبابنا هي هذه الإشكالية الحقيقية، برامج الأطفال يجب أن تعرض على مختصين تربويين لإجازتها، مع أني مع حرية الأفكار وحرية الإعلام، لكن حتى للحرية حدود لا توجد حريات مطلقة، خصوصاً المادة الموجهة للأطفال أو الشباب لابد أن تكون مدروسة وتخضع لفحص دقيق من أهل الاختصاص بنفسية الطفل واحتياجاته المعلوماتية والترفيهية وما يحرض تفكيره من برامج وألعاب تنمي مهاراته ومداركه وذكاءه ولا تشوش على عقيدته بما يؤثر على حياته وعلاقاته ومستقبله.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store