Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

هل يحتاج الصباح إلى دليل؟!

A A
زميل مهنةٍ من بلدٍ عربي، متابع لما (تنشره صحيفة المدينة) لي من مقالات، كتب معقِّبًا على مقالي: «دروس التاريخ لعِبَر المستقبل» المنشور يوم الجمعة الماضي الموافق 13/12/2019 مستفسراً عما قدَّمته المملكة بإمكانيَّاتها ومكانتها الدينيَّة الرفيعة لتغيير واقع بعض البلدان العربية؟. تساؤل سمعناه من أخوة جوار يُردِّدونه بحُسن نيَّة أو بسوئها -على افتراض-. فهم يًحَاجُّونَ بما أكرم الله به بلدنا من رزقٍ وفير بعد سنين عجاف ذاق أجدادنا فيه الفاقة والحرمان. ومَعَ ذلك قضوها راضين بما قسمه الله لهم من رزق، مقتنعين بحِكَمِ نصيبكم يصيبكم، وبشِّر الصابرين، ومؤمنين بأنَّ بعد العسر يسرًا.

وتشاء الحكمة الربَّانيَّة أن قيَّض الله لنا المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود طَيَّب الله ثراه، فلمَّ شمل أسرتنا من الخليج العربي إلى البحر الأحمر. ومن تخوم بلاد الشام إلى اليمن. وأعاد بناء الدولة السعوديَّة الثالثة، بموارد ماليَّة محدودة للغاية تكاد لا تفي بدفع رواتب الموظَّفين بمن فيهم ذوي المراتب العليا الذين كثيرًا ما استلموا راتبهم على شكل قطمة أرز أو قطع لحم!! ومع ذلك، كانت يده طيب الله ثراه ممدودة لمساعدة الإخوة العرب المحتلَّة أراضيهم بما تيسَّر لديه من مال وسلاح. وقد وثَّق ذلك كلَّه المؤرِّخ النمساوي ليوبولد زيس الذي اشتهر بعد إسلامه باسم محمَّد أسد في سيرته الذاتيَّة «الطريق إلى مكَّة». وفيه يروي تكليفه بنقل سلاح من المملكة إلى المجاهد عمر المختار، قطع بها صحاري السودان ومنها إلى ليبيا.

هذه واحدة من عديد من قصص العون التي ينطبق عليها قوله تعالى: ﴿ويُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِم وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةُ﴾ دون منَّة أو إشهار. فسياسة مملكتنا الخارجيَّة كما رسمها الملك المؤسِّس وسار على نهجه أنجاله الملوك؛ خدَّام الحرمين الشريفين، قائمة على تقديم العون والمساعدة للأشقَّاء العرب حتَّى مع دول جاهرت بعدائها للمملكة، مُردِّدين بأنَّ بترول العرب لكلِّ العرب!.

إعلام بلدنا قائم على ما تُحقِّقه المساعدات من نتائج إيجابيَّة تخدم المواطن العربي، وتزيح عنه ربقة الأَسْر والاحتلال دون صخب إعلامي، ولو قُدِّر في يوم ما أن تنشر الدول بأمانةٍ وصدق ما قدَّمته لها المملكة من مساعدات في سنوات الشدِّة، وفي سنوات الرخاء التي مرَّت بها، من عونٍ بالمال وبالمعدَّات لاتَّضحت الرؤية عند شعوبهم، وعرفوا وقفة الصديق عند الضيق. كما أنَّ ضيوف الرحمن الذين يقصدون الحرمين الشريفين على مدار السنة حاجِّين ومعتمرين خير شاهد على ما تقدِّمه المملكة من توسعاتٍ متتالية للحرمين الشريفين، وبمد شبكات المواصلات البريَّة والحديديَّة والجويَّة والبحريَّة، ومن خدمات لراحتهم، وتيسير أدائهم لشعائر دينهم، إضافة إلى توفير الأمن والأمان والرعاية الصحيَّة المجَّانيَّة وهم يؤدُّون مناسك عباداتهم.

في تقديري، مختصرُ ردِّي على استفسار زميل جاب مشارق الأرض ومغاربها، حريٌّ به أن يُعيد قراءة تاريخ عالمنا العربي الحديث بعيدًا عن التشويش العقائدي والطائفي الذي تنتهجه فئات مُروِّجي الفوضى الهدَّامة والمذهبيَّة الضالَّة المضلِّلة. فعندما يقتضي قول الحقِّ، لابدَّ مِنْ: «وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي الْإِفْهَامِ شَيءٌ إِذا احتاجَ الصَباحُ إِلَى دَلِيل».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store