Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

لبنان حائراً بين حكومة تكنوقراط أو تكنوسياسية!

A A
لبنان لازال حائراً، تتقاذف أمنه واستقراره الاقتصادي؛ الأحزاب المختلفة التي تُجاهد في سبيل اتخاذ موقع لها في الحكومة الجديدة، التي لم يتم الاتفاق أصلاً -حتى الآن- على تسمية رئيسها، ويبدو أن الوضع كما تحدَّث عنه رئيس الوزراء الأسبق (تمام سلام) صعب ومأزوم ومعقَّد، ويتطلب الترفُّع والتواضع والتضحية من أجل إيجاد حلول يتمسَّك بها الجميع، ويلتفوا حولها لإنقاذ لبنان.

المطالب من أجل دعم لبنان اقتصادياً أيضاً تعددت، بعضها من الداخل وبعضها من الخارج، فاجتماع (باريس) الذي عُقد الأسبوع الماضي من أجل إنقاذ لبنان، والمُكوَّن من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بالإضافة للأمم المتحدة، ظهر بشروطٍ محددة حتى يتم الدعم، على رأس تلك الشروط ضرورة تشكيل الحكومة الجديدة بأقصى سرعة، مع اعتماد ميزانية موثوقة لعام 2020، بالإضافة إلى تنفيذ كل ما تعهدت به لبنان أمام المشاركين في مؤتمر (سيدر) حول الإصلاحات الإدارية والمالية ومكافحة الفساد، ووقف هدر المال العام وإصلاح قطاع الكهرباء، ومنحت لبنان مهلة ستة أشهر، فيما طالبت الولايات المتحدة بضرورة تشكيل حكومة متوازنة لا تكون فيها الغلبة لمجموعة الممانعة الذي يعود فيها القرار لحزب الله، وتُوفِّر الغطاء السياسي الذي يُؤمِّن تماسكها وانسجامها. كل ذلك يسعى باتجاه عدم إقحام الحكومة في لعبة المزايدات، لأن ذلك لو حدث سيقطع الطريق على مجموعة الدعم تجاه دعم ومساعدة الحكومة.

أين تتقاطع الخطوط؟! الرئيس (الحريري) المُرشَّح القوي لرئاسة الحكومة الجديدة، يشترط أن يترأس حكومة (تكنوقراط) على مبدأ الكفاءات، بعيداً عن المحاصصة، خالية من كبار السياسيين اللبنانيين، حتى يُشكِّل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة المطلوبة من قبل لجنة (الدعم) بأقصى سرعة، لدرء الانهيار الاقتصادي الحاصل. بينما يقف (جبران باسيل) زعيم التيار الوطني الحر في وجه الرئيس الحريري، رافضاً (حكومة تكنوقراط)، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حينما صرَّح بأنه يرفض حتى حكومة (تكنوسياسية) برئاسة الحريري، حتى وإن أيَّدها (حزب الله) و(حركة أمل)، كما لن يشارك تياره في هذه الحكومة لأن مصيرها الفشل -على حد قوله-، ورئيس الجمهورية ومعه (حركة أمل) وميليشيا (حزب الله) يرفضون أي حكومة لا يشارك فيها (التيار الوطني الحر).. كل هذه عُقد لا تُبشِّر بتوافق على الحكومة المقبلة التي لن تنجح إذا لم يرأسها (الحريري).

ولا أعرف، لماذا تعارض أيضاً بعض الصحف اللبنانية حكومة (تكنوقراط)، وترى بأن السير بحكومة اختصاص تكنوقراطيين خالصة لا تصلح، في ظل تركيبة لبنان السياسية والطائفية، وتُفضِّل حكومة (تكنوسياسية) مع تخفيض مستوى التمثيل السياسي لها. كل تلك العراقيل يضعها أولئك أمام الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة التي يراها، كما أن الإعلام التابع لتلك الأحزاب يقوم بـ(حملة تحامل) عليه، ويُحمِّلونه وزر تأخير التكليف والتأليف الحكومي، وعرقلة وصول أي بديل عنه إلى سدة رئاسة الحكومة.

ولا أعتقد أن لبنان سينجح في تشكيل الحكومة في وقتٍ قريب؛ للتباين الواضح بين الرئاسات الثلاث.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store