Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

فيلم تستّر هندي!!

A A
كما لو كان فيلماً سينمائياً مُنْتَجاً في بوليوود، مدينة الأفلام الهندية، بما فيها من جُرعة كبيرة من اللا معقول، استوقفني الخبر الذي نشرته صحيفة المرصد الإلكترونية يوم الجمعة الماضية، عن إشهار وزارة التجارة والاستثمار بمواطن سعودي ووافد هندي، بعد إدانتهما بالتستّر التجاري، وثبوت تمكين المواطن للوافد من مزاولة التجارة ببيع مواد السباكة والكهرباء بمحافظة الأحساء، واستغلال الوافد لاسم المواطن في إدارة التجارة، وشراء وبيع البضائع، وإيداع وتحصيل الإيرادات المالية الناتجة عن النشاط!.

واللا معقول هو أنّ التستّر جرى مقابل ٩٠٠ ريال فقط، (يا بلاش)، ويدفعها الوافد للمواطن كلّ شهر، وهو مبلغ ضئيل للغاية مقارنة بِدَخْل الوافد الذي يتجاوز مليون و٧٠٠ ألف ريال كلّ سنة، يعني 141.666ألف ريال كلّ شهر!.

وليس هناك أكبر من هذا كدليل على أنّ مجتمعنا التجاري ما زال يُهان ويُستنزف وتُقلّل من قيمته بالتستّر، الذي هو جريمة مكتملة الأركان تُرتكب في قلب بلدنا، وكيف لا يكون جريمة والمُتستَّر عليه يربح بسببنا، ويحوّل أرباحه الهائلة لبلده؟ والمُحصِّلة هي خسارة جسيمة بحقّ اقتصادنا الوطني، فضلاً عن إعطاء الفُتات للمواطن المُتستِّر من الوافد المُتستَّر عليه، ممّا أستغرب معه رضا المواطن واقتناعه، ولو رفض التستّر وأصرّ على مزاولة تجارة نظامية مع الوافد لحقّق أضعاف أضعاف تلك الـ٩٠٠ ريال المتواضعة!.

ومن وحي سيناريو ومونتاج وموسيقى هذا الفيلم، وبالتعاون مع المحقّقين السينمائيين شرلوك هولمز وأرسين لوبين وكولومبو، وبالتنسيق مع نجم بوليوود الممثّل الهندي شاروخان، أستطيع القول إنّه ربّما يكون لكلّ مواطن مُتستِّر وافدون يتستّر عليهم لا وافد واحد، ولهذا فقد يرضى بالقليل من كلٍّ منهم، ممّا هو كثير بالمجموع، اللهم إلّا إذا كان المواطن المُتستِّر فقيراً ومحتاجاً ولا يجد سوى العمل عند الوافد الذي يُجيد استغلاله، وهذه مصيبة أعظم، كما لا أظنّ أنّنا بصدد فيلم هندي فقط، بل هناك فيلم من كلّ بلد حول العالم تعمل عمالته لدينا، يعني هناك هيئة أمم مُتستَّر عليها، في كلّ النشاطات، والسحّ الدحّ أمبو، وشقّ التستّر أكبر من ترقيعه حتّى لو وظّفْنا أمهر حائك، والعقوبات التي تُطبّق لا تكفي، والدليل هو أنّها لم تهزّ شعرة في جسد التستّر التجاري الذي ما زال في أوْج عافيته، ونحن نخسر، ونحتاج لمضاعفة الجهود قبل أن تُنخر تجارتُنا، وتصبح مثل الغربال، إذا سددنا بعض ثقوبه طلعت علينا غيرها، ويا أمان تجارتنا من كلّ مواطن مُتستِّر، ومن كلّ وافد مُتستَّرٍ عليه ومُستأمِنٍ على نفسه، ولا أحد يَمّه.. ولا أحد يهمُّه!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store