Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

(ذهب الحمار بأم عمرو)

A A
أيَّام قليلة تتسارع الساعات في عدِّها، ويُغادرنا غير مأسوف عليه عام 2019.. مرَّت أيَّامه متباطئة على غالبيَّة أهالينا في عالمينا العربي والإسلامي رتيبة كأيَّام السنوات السابقة.. أنهارٌ من دماء فجَّرها عملاء الفوضى الهلَّاكة والعصبيَّة المذهبيَّة، ممَّا دفع بقوافل الناجين من الموت والهلاك إلى بلدان الأمن والأمان... ومن لم يستطع منهم النزوح، قَبِلَ على مضض معايشة الظلم والاضطهاد، وأصيب بالإحباط والألم وهو يبحث دون جدوى عن لقمة عيش تسد جوع أطفاله، وهو يرى أمامه موائد الأغنياء، وحتَّى ميسوري الحال في أيَّام الأعياد تحفل بما لذَّ وطاب من طعام وشراب، وهدايا وألعاب، قد تعادل واحدة منها دخل سنة كاملة لذوي الدخل المحدود في عالمينا العربي والاسلامي! والعاطلون عن العمل في ازدياد. وكذا أسعار المواد الضروريَّة بارتفاعٍ لبقاء الإنسان على قيد حياته. ويعزو من بأيديهم أمر اقتصاد العباد والبلاد في تلك البلدان التي كانت وإلى زمنٍ ليس بالبعيد بلدان خير ورزق وفير إلى الدولار الأمريكي الذي ترتفع أسعار معادلته بعملات غالبيَّة بلداننا العربيَة والإسلاميَّة ساعة بعد ساعة، فاتحًا شهيَّة التجَّار ومموِّليهم لاحتكار المواد الأساسيَّة للغذاء والعلاج والملبس والمسكن.. فترتفع أسعارها لتكون في متناول الأغنياء، ويعجز عن تأمينها الفقراء، وهم الغالبيَّة في معظم بلدان العالم.

ويزيد الطين بلَّة معاناة كوكبنا الأرضي من الاحتباس الحراري الذي يرفع درجات الحرارة سنة بعد سنة، مُهدِّدا العديد من بلدان العالم الساحليَّة بالغرق نتيجة ذوبان الثلوج في القطبين الشمالي والجنوبي بفعل الغازات التي تطلقها المعامل والمصانع والمركبات في الدول العظمى، الحريصة على رفاهية مواطنيها الآنيَّة، فتضع العراقيل والأعذار في وجه العاملين على صياغة اتِّفاق دوليِّ يحدُّ من انبعاث تلك الغازات، ويضمن للأجيال القادمة استنشاق هواء نقيِّ يضمن صحَّتهم، ويحول دون موت أطفالهم، والمتقدِّمين منهم في العمر في سنوات مبكِّرة عن أعمار نظرائهم المرَّفهين.

حالة كهذه تستدعي تضافر جهود جميع سكَّان كوكبنا الأرضي لإلزام حكوماتهم الاتِّفاق على معاهدة (الحدُّ من تلوُّث البيئة). ولدينا في عقيدتنا السمحاء توجيهٌ بأنَّ من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم. والمسلمون هم مَن عناهم الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾. ويحدونا أمل ورجاء بأن يطلَّ العام الميلاديَّ 2020 وفي جعبته ما يبشِّر بأنَّه مختلف عمَّا سبقه من سنوات، وبقدومه تكون أيَّامه خيرًا وأمنًا وأمانًا وعدلًا وإِنصافًا، تنهي تجبُّر الجبابرة من المتحكِّمين باقتصاد العالم، وتحدِّ من نشاط العاملين على إشاعة الفوضى والاضطراب في بلدان العالم البعيدة عن البلدان المرفَّهة على مبدأ: (حَوالينا ولَا علينا)، فلَا رَجَعَ عَامٌ ابتلى بأَيَّامه معظم البشر حول العالم!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store