Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدَا!

A A
جاءت الضربة الأمريكية الأخيرة التي أنهت حياة قائد فيلق القدس قاسم سليماني ومن معه، جاءت ضربة في وقتها بعد أن عاثوا في أرض العراق فساداً وتقتيلاً ودموية لا مثيل لها عبر التاريخ.

فقد زرع هؤلاء وملاليهم الفتن حيثما حلُّوا وارتحلوا؛ من العراق إلى سوريا ولبنان، إلى الكويت والبحرين، ثمَّ إلى اليمن وشمال أفريقيا بمظلة ثورية سمُّوها (فيلق القدس) الذي لم يقترب أحد من مقاتليه من القدس المحتلَّة حتَّى اليوم لفكِّ أسرها، وأسر فلسطين العربيَّة من الاحتلال الصهيوني على مدى السنوات الثلاثين الماضية.. بل جلب ومَن معه من قيادات الهلاك والدمار، ونشر الفتن والتحريض على الفوضى المهلكة لهدم أنظمة الحكم في العديد من البلدان العربيَّة التي أدَّت إلى مقتل مئات الألوف من العرب الأبرياء، وتهجير ملايين السوريين والعراقيين إلى دول في مشارق الأرض ومغاربها.. كلُّ ذلك الإجرام من أجل ثأر بين الفرس القدامى وبين مَن مكَّنهم الله في صدر الإسلام من تقويض إيوان كسرى ونشر دعوة الحق وحفظ كرامة الإنسان في بلاد فارس وما حولها.. عصابة آثمة تموِّل كلَّ هذا العنف، وتحضُّ عليه بإشراف من (المرشد العام للثورة الإسلاميَّة في إيران)!

هذه الشخصيَّة المسيطرة والمتسلِّطة على الحكم في إيران، أعادت عبادة الأشخاص من دون الله، ومن بينهم من يصدرون جوازات سفر (لدخول الجنة بدون حساب)! معيدين للذاكرة صكوك الغفران التي كان الفاتيكان يصدرها.. ومدَّعين أنَّ قتلاهم قد وصلوا الجنَّة، وكان في استقبالهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونجلاه الحسن والحسين سبطا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام.. وفِي هذا الادِّعاء عودة للوثنيَّة وعبادة الأصنام من بشر وحجر وخشب.

وفي القصص القرآني؛ ما قام به نبيُّ الله إبراهيم عليه السلام من كسر الأصنام التي كان يصنعها قومه ومن ثم يعبدونها، وإذا جاعوا أكلوها، داعيًا إلى عبادة الواحد الأحد.. وفي السيرة النبويَّة قصَّة فتح المسلمين لمكَّة المكرَّمةً، وكسرهم ما كان كبار أهلها يتحايلون به على قاصدي بيت الله الحرام للعبادة وللتجارة بنصب أصنام في بيت الله الحرام صنعوها لهم من الخشب والحجر وبقايا الطيور على أنَّها آلهة تسهِّل أمور الرزق وتبعث على السعادة..!

اليوم، نرى تجَّار الطائفيَّة وسماسرة المذهبيَّة يروِّجون لعبادة أصنام بشريَّة تُصْلي من حولهم سوء العذاب، وهم راضون خوفًا من انتقام الأصنام البشريَّة التي فرضت جبروتها على مواطنيها.. وهذه أُميَّة أخطر من أُمِيَّة جهل الأُمة القراءة والكتابة، وتحتاج إلى برامج توعية وتثقيف وتأهيل، في البلدان التي يعاني شبابها وشاباتها من قلة المال، وعدم توفر فرص العمل خاصَة، ليكونوا طعمًا جاهزًا لتلك الفئات الضَّالَّةِ المُضلِّلة، تغريهم برواتب سخيَّة ليلتحقوا بمعسكرات التدريب على العمليَّات الإرهابيَّة، ويرسلون بعد انتهاء تدريباتهم إلى مواقع خارج إيران لتنفيذ ما يطلب منهم من اغتيال وتفجير وتدمير، على غرار ما كان يقوم به الحسن بن الصبَاح في أواخر القرن الحادي عشر ميلادي من تكوين فرق الحشَّاشين من شباب فدائيِّين لا يهابون الموت، أعدَّهم لاغتيال العديد من الشخصيَّات المهمَّة في ذلك الوقت طمعًا من الشباب بالإقامة في جنات أقامها في قمم الجبال، يجد الداخل من بوَّابتها كلَّ ما لذَّ وطاب من متع الحياة... وتصوَّرُ على أنَّها (الجنَّة الصغرى) في الأرض.. أمَا الجنَّة التي عرضها السموات والأرض وما فيها من حور عين وأنهار من خمر وعسل، فهي لمن يقومون بعمليَّات اغتيال مروِّعة! وبهذا، تمكَّن من نشر الفزع والرعب في بلاد فارس والعراق والشام، وأجَّر الأوربيِّين خدمات فرقه الفدائيَّة.. وهذا ما دأب عليه الهالك وزمرته في مطار بغداد في أثناء تجوالهم داخل لبنان وسوريا والعراق واليمن، فلقوا جزاء إجرامهم، وهم في طريقهم للعودة إلى طهران لإتمام مسلسل القتل والتدمير.. وربُّنا جلَّت قدرته يمهل ولا يهمل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store