مَا زِلتُ أَعوم وأَسبَح فِي بركةِ التَّسَامُح، لأنَّ هَذا المَفهوم يَجلب الحُبّ، ويَستَدعي المَودَّة، كَمَا أَنَّه يُقدَّم -فِي الثَّقَافَات الحَضَاريَّة- كعِلَاج يُعَالِج الرّوح والبَدَن..!
إنَّ النَّاس -فِي الغَالب- يَعرفون أَثَر التَّسَامُح عَلَى الرّوح، ولَكن القَليل مِن البَشَر؛ يَعرف أَثَر التَّسَامُح عَلَى أَمرَاض البَدَن؛ المَحسُوسَة والمَلمُوسَة، وحَتَّى نُدلِّل عَلَى ذَلِكَ، دَعونَا نَروي هَذا المَقطَع، الذي ذَكره الدّكتور «جامبولسكي» فِي كِتَابهِ «المَغفِرَة أَعظَم دَوَاء»، حَيثُ قَال: (بصِفتِي طَبيباً لأَكثَر مِن أَربعين عَامًا، يُمكننِي أَنْ أَذكُر أُنَاسًا كَثيرين؛ قَد أُصيبُوا بأَمراضٍ عَديدَة، وقُرحَاتٍ، وضَغطِ دَمٍ مُرتفع، وحَتَّى السَّرطَان، سبَّبتها مَشَاكِل مَرُّوا بِهَا، وكَانَت تِلك الأَمرَاض تَزول، بمُجرَّد أَنْ يَتعلَّموا التَّسَامُح، وكَم كُنتُ تَوَّاقاً فِي الآوِنَةِ الأَخيرَة، للاطّلاع عَلَى بَحثٍ حَديث، يُشير إلَى العَلَاقَة بَين التَّسَامُح والصحَّة، فنَحنُ الآن نَعلَم بأنَّ عَدَم التَّسَامُح الذي يُسبِّبه التَّمسُّك بالغَضَب، والخَوف والأَلَم، لَديهِ تَأثير قَوي عَلَى أَجسَادنَا، ويُسبِّب ذَلك التَّوتُّر؛ الذي يُؤثِّر عَلَى أَنظِمتنَا النَّفسيَّة، والتي نَعتمد عَليهَا مِن أَجل صحّتنا، فهو يُؤثِّر عَلَى دَورةِ الدَّم فِي أَجسَادنَا، وعَلَى كَفَاءَة الأَجهِزَة المَنَاعيَّة، ويُمثِّل ضَغطاً عَلَى قلُوبنَا وعقُولنَا، وعَلَى كُلِّ عِضوٍ فِي أَجسَادنَا، فعَدَم التَّسَامُح هو بالتَّأكيد عَامِل غَير صحِّي)..!
حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّني مِن مُحبِّي التَّسَامُح ومِن دُعَاته، وحِينَ قَرأتُ هَذا النَّص المِهَني المُتقَن؛ زَاد حُبِّي للتَّسَامُح، وازدَدتُ مِنه قُرباً، ولَا أُخفيكم أَنَّ التَّسَامُح صَديقٌ لَطيف، كُلَّمَا اقتَربتَ مِنه خُطوَة، اقتَرَب مِنكَ خُطوَتين..!!
التصالح مع الذات.. يبدأ بالتسامح مع الذوات
تاريخ النشر: 24 يناير 2020 00:01 KSA
الحبر الأصفر
A A