* في مراحل دراستي في التعليم العام كنتُ أسمع وأشاهد ممارسات «التّنَمُّر» التي كان يمارسها بعض الطلاب ضـد زملائهم؛ ومن صُوره «الإيذاء المتكرر سواء كان جسديًا، أو لفظيًا»؛ حيثُ الشتائم والسخرية من «أشكالهم، وأوزانهم، ولِباسهم وطريقة نطقهم للحروف، بل وأحيانًا التمييز العنصري على أساس اللون أو القبيلة أو الإعاقة»!!
* وصدقوني بعض الطلاب الذين وقعوا فريسة لتلك الممارسات الخارجة عن نطاق الدّين والأخلاق بما فيها مِن (استهزاء، واستقواء، وتسلط، وترهيب)، ولم يجدوا العَون والتوجيه للتصدي لها تأثروا نفسيًا، وأصيبوا بالاكتئاب وبِدَاء العزلة والنقمة على المجتمع؛ ومن ثم أُجبروا على ترك مقاعد الدراسة؛ ليكون ذلك عَاملًا سلبيًا في تحديد وتغيير مسَار مستقبلهم نحو الأسوأ، الذي قد يقودهم إلى أفكار انتحارية!.
* مَرّت السنوات ورغم انتشار الثقافة والوعي إلا أنّ «التَّنَمُّر» مازال حاضرًا في «مدارسنا»؛ بل توَحّش نتيجة لغياب دور الأُسَر، ولانتشار الأفلام والمسلسلات والألعاب الإلكترونية العنيفة؛ وهذا ما يؤكده أصدقائي من قَادة المدارس ومعلميها؛ الذين أضافوا بأنه سبب رئيس لحوادث العنف الأخيرة التي شهدتها المؤسسات التربوية، والتي وصل بعضها للقتل!.
* وهنا لابد من أخذ الأمر على محمل الجَدّ، والبحث عن وسائل جديدة وفاعلة لمواجهة «التَّنَمُّر» تبدأ بحملات توعوية تُعرّفه، وتبين خطورته، وكيفية التعامل معه؛ وذلك من خلال برامج حديثة وتطبيقية تُخاطِب الأُسَر ومجتمع المدارس من طلاب وطالبات ومعلمين ومعلمات، مع تأهيل المرشدين ليكونوا قادرين على اكتشاف الحالات ومعالجتها بطرق علمية مع الضحية أو حتى المُعْتدي.
* أخيرًا لقد أصبح وأمسى «التَّنَمّر» ظاهرة عالمية مؤرقة يسعى المختصون للحدّ منها بشتى الوسائل والأدوات ومن ذلك الأفلام المرئية التي مِن آخرها «الفيلم القصير أعداء الشّمس»، الذي يتحدث عن أولئك الأعزاء المصابين بـ»البينو» وما يتركه من بياض في البشرة والشَّعر والرموش وتَحسّس من الشمس؛ حيث يؤكد الفيلم الذي سيشارك في «مهرجانَي كِييف ولوكسمبورج السينمائيين» للأفلام القصيرة، في أبريل المقبل، بأنهم قد خُلقوا مميزين فهم ضيوف على الأرض، لكنهم من أهل القمر؛ ومن ثم عليهم أن يثقوا بأنفسهم وقدراتهم، ليتحدوا في مقاومة التَّنَمُّر؛ فهل نشارك العَالَم في محاربته بالتـَّوعية والأنظمة الرادعة؟!
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
