Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

الضياء.. قد يأتي من رسائل القارئات والقراء!

الحبر الأصفر

A A
بَين فَترَةٍ وأُختهَا، تَصلني عَشرَات الرِّسَائِل، فأُحَاول انتِقَاء المُفيد مِنهَا لأَنشرهَا، وقَد وَصلَتنِي هَذهِ الرِّسَالَة؛ مِن الأُستَاذَة «سارة الحسن» التي تَقول فِيهَا: (يَقول الرِّوَائي العَظيم «ماركيز»: (نَعيش لنَروي)، ويَقول عَامِل المَعرفَة د. «أحمد العرفج» فِي كِتَابهِ «الكِتَابَة العِلَاجيَّة»: (أَعيش وأَروي وأَنسج قصَصي، أَو أَنقِل مُشَاهدَاتي، ثُمَّ أَكتُب لأَتعَافَى مِن كُلِّ مَا يُثقلني، وأَتخفَّف بالقَلَمِ والكَلِمَات، وأَتّكئ عَليهمَا لأَتعَافَى)..!

أَثنَاء قِرَاءَتي لكِتَابِك، انتَبَهتُ لكَلِمَاتي السَّلبيَّة، التي تُغلِّف حَديثي كَثيرًا؛ فِي سَعيي الحَثيث للنَّجاح والمضِي قُدَمًا لبلُوغهِ، ومُحَاوَلتي العَيش بسَلَام، فقَرَّرتُ أَنْ أُعَالِج ذَاتي المُنهَكَة بالكِتَابَة، وصِيَاغة عِبَارَاتي المُقيِّدَة لرُوحي، حَتَّى تَصلُ للتَّشَافِي والتَّعَافِي الذي أَرجُوه..!

وسأَضرب أَمثِلَة عَلَى عِبَارَاتي السَّلبيَّة، التي أُريدُ التَّخلُّص مِنهَا:

1- مُكتَئِبَة.. كُنتُ أَعتَقد أَنَّ الحَديث عَن الاكتِئَاب يُعافِيني، ولَكنِّي بِتُّ أَكثَر تَعلُّقًا بِهِ، وكَأنَّه عُذر لنَفسي عَن ضَعفِي..!

2- ذَاكِرَتي البَائِسَة.. أُعيد شرِيط الذِّكريَات، كَأنِّي أُريد المَاضِي، ولَا أُريد التَّحرُّر مِنه، كَأنِّي أُريد القَيد الذي كُنتُ أَعيش بِهِ، وللأَسَف لَا أَتذكَّر سوَاهَا، ولَا أَتذكَّر الأيَّام الجَميلَة بحيَاتِي..!

3- أَنَا مُتضرِّرة.. أُردِّدهَا كَثيرًا مَع أَبنَائِي، وتُزعجني جِدًّا، لَا أُريد أَنْ أُحمِّلهم شعُورًا سيِّئًا، ولَا أُحب نَظرَاتهم الحَائِرَة، «لا ذنب لهم»..!

4- أَنَا مُتطرِّفَة.. أُكرِّرها لأُرضي نَفسِي، أَو أُبرِّر لَهَا خَوفِي وقَلقِي مِن المُستَقبَل والحيَاة، ولأُشحن ثِقتِي بطَريقةٍ سَلبيَّة، وكَأنَّ مَا أَفعَله صَحيح..!

5- أُحبُّ وِحدَتي.. أَنَا كَاذِبَة جِدًّا، فأَنَا أَكره هَذه الوِحدَة، وأَقولهَا عَزَاءً لنَفسِي، ولأَظهَر قَويَّة مَا استَطعتُ أَمَام الجَميع.. وأَعرف مِقدَار وِحشة وِحدَتي، حِينَ أُطفِئ أَضوَاء غُرفَتِي لأَنَام، بَعد يَومٍ طَويل..!

6- لِمَاذَا حَدَثَ لِي كُلّ هَذَا؟.. فَشَلتُ كَثيرًا فِي مَنع نَفسي مِن هَذا السُّؤَال، ثُمَّ أَتذكَّر طَبيبي النَّفسي الرَّائِع الذي قَالَ لِي: فِي الرِّضَا بالقَدَر، «إيمَان»، أُكرِّر هَذا السُّؤَال، لأَعيش البُؤس مِرَارًا وتِكرَارًا، وأُمَارس دور الضَّحيَّة الذي أَمقتُه، لكنِّي أُؤدِّيه..!

7- أَعوامٌ مِن البُؤس.. الجُملَة المُؤذيَة التي تُشعِرُنِي بمَنطقة الرَّاحَة، وكَأنِّي لَا أُريد الخرُوج مِن المَاضِي، رَغم مُحَاوَلَاتي الحَثيثَة لعَيشِ المُستقبَل..!

8- أَنَا مُجْهَدَة/ مُتْعَبَة.. تُلازمني كاسمِي، رَغم أنِّي أُلحقهَا بشعُور السَّعَادَة بالتَّعَب، إلَّا أنَّني كَاذِبَة، وأَتمنَّى أَنْ أَفرُّ وأَبتَعد، وأَنَام لأَيَّامٍ دُون مَسؤوليَّات..!

9- أَبكِي حَتَّى أَرتَاح، وأُفضفض حَتَّى أَتخفَّف.. مِن أَبشَع صِفَاتي البُكَاء والانهيَار، حِينَ تَخذلني دمُوعي ولِسَانِي الثِّرثَار..!

10- جَلْدُ الذَّات.. أُمَارسه كالتَّنفُّس، أَجلد ذَاتِي بسيَاط الانتقَاد، وأَسعَى للكَمَال، وأَتطرَّف وأَندَفع فِي كُلِّ مَا أُريده، ليَكون صَحيحًا خَاليًا مِن الأَخطَاء، كَأنِّي أُعوِّض السّنوَات العِجَاف مِن التَّهميش والنَّقد..!

11- لَا أَشعُر بإنجَازَاتي.. فدَائِماً أَنتَظر رَأي الآخَرين، رَغم مَظهري الوَاثِق والمُعتَد بِي والثَّابِت، وكَأنِّي لَا أَهتَمُ لأَحَدٍ، لَكنِّي فِي انتظَار الثَّنَاء والتَّقدير الدَّائِم؛ عَن كُلِّ مَا أَفعَله..!

12- الخَوف.. دَمَّرني الخَوف، رَغم أَنِّي حِينَ تَجَاوَزته وغيّرت حيَاتي، عَرفتُ كَم هو حَاجِز وَهمِي، وُلِدَ دَاخَلي وأخَذَ يَكبُر، وحَمَلْتُه كُرهًا..!

13- القَلَق.. أَتغذَّى عَلَى الشّعُور بِهِ، كَأنَّه شُريَان يُغذِّي جَسدِي وعَقلِي، أَتوجَّس خِيفَة مِن كُلِّ شَيء، وكَأنِّي فِي حَالَتي الطَّبيعيَّة، وحِينَ لَا أَقلَق، أَتفَاجأ بنَفسِي).. (انتَهَت)!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: هَذه رِسَالة الأُستَاذة «سارة»، فمَاذَا أَنتُم قَائِلُون..؟!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store