Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

المملكة بيت العرب وعاصمة القرار

A A
​المتابع للأخبار في المملكة العربية السعودية خلال الفترة الأخيرة يلحظ بوضوح أنه لا يكاد يمرُّ أسبوع إلا وتستقبل الرياض رئيس إحدى الدول أو مسؤولاً رفيع المستوى، في إشارة واضحة تؤكد أن الرياض باتت عاصمة للقرار العربي والإسلامي، ومركز التنسيق العالمي فيما يختص بقضايا المنطقة، على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وهو ما منح المملكة وضعاً متميزاً على خارطة السياسة العالمية، وجعلها محطة رئيسية لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزها عند اتخاذ أي قرارات ذات أهمية، ليس فقط على المستوى الإقليمي، بل والعالمي أيضاً.​

هذه المكانة المتميزة التي باتت بلادنا تتمتع بها جاءت نتيجة لتقدير العالم أجمع للسياسات الحكيمة التي تتبعها قيادتها، والتي تقوم على مبادئ ثابتة، في مقدمتها عدم التدخل السالب في شؤون الدول الأخرى، والسعي الحثيث لتحقيق التقارب العربي والإسلامي، ومد يد العون والمساعدة لكافة الدول الشقيقة والصديقة، خصوصاً في أوقات الأزمات، إضافة إلى جهودها المتواصلة في جمع الكلمة وتوحيد الصف والتنسيق والتشاور حول كيفية التصدي للتحديات المشتركة، لاسيما ما يتعلق بمحاربة الإرهاب، والتصدي لتيارات العنف والتطرف، ومكافحة الجرائم العابرة للحدود.​

خلال الأسبوع الماضي فقط استقبلت الرياض رئيس أريتريا أسياسي أفورقي، ووزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، ووفد الكونجرس الأميركي، ووفد مركز الملك عبد الله للحوار، التابع للأمم المتحدة، ورئيس منتدى دافوس، كما شهدت اجتماع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين، التي تستضيف المملكة اجتماعاتها في نوفمبر من هذا العام.

هذا النشاط السياسي والدبلوماسي وضع المملكة في طليعة اهتمامات وسائل الإعلام العالمية، وهذا الجهد الضخم الذي تبذله قيادتها يوضح بجلاء حجم المسؤوليات التي تضطلع بها والدور الذي تمارسه انطلاقاً من ثقلها الإقليمي والدولي، كيف لا وهي بيت العرب وقبلة المسلمين، وحاضنة الحرمين الشريفين، ومهبط الوحي؟.​

والمملكة إذ تستضيف قمة العشرين هذا العام، فإن هذا الحدث لن يكون بطبيعة الحال حدثا عابراً، لأن المملكة حتماً ستنقل أصوات دول المنطقة لقادة أكبر عشرين دولة في العالم، وسيكون جدول الأعمال الذي تعده الدولة المضيفة عامراً بالقضايا التي تهم دول المنطقة، وهي ليست قضايا اقتصادية فقط، بل سياسية أيضاً، مثل دعم جهود محاربة الإرهاب، والتصدي لجرائم الاتجار بالبشر، وبسط السلام والاستقرار، وتحسين ظروف الاستثمار الأجنبي، وتعزيز التنمية، إلى غير ذلك من القضايا ذات الأهمية.​

وبطبيعة الحال فإن المكاسب التي ستحققها المملكة من استضافة تلك القمة التي يسيطر أعضاؤها على عائدات 85% من حجم الاقتصاد العالمي، ويشكلون 66% من سكان العالم، ويحتكرون 75% من حركة التجارة الدولية سوف تكون لها آثار إيجابية على الداخل السعودي، لاسيما في هذا التوقيت الهام الذي تواصل فيه المملكة تطوير اقتصادها وتحديثه، فالوفود الاقتصادية المصاحبة لقادة الدول المشاركة في القمة سوف تنخرط في نقاشات هادفة ومفاوضات جادة لبحث أوجه الاستثمار المشترك. وهناك جانب في غاية الأهمية لا ينبغي تجاهله وهو أن وجود صناع القرار الاقتصادي في العالم سيتيح لنا فرصة ذهبية لإطلاعهم على السوق السعودية والفرص الاستثمارية المتاحة، والاقتصاد المفتوح الذي نتمتع به، وهو ما من شأنه أن يعزز أيضاً مكانة السوق المالية السعودية ويرفع درجة موثوقيتها، وكل هذه المكاسب سوف تؤدي إلى إحداث نهضة اقتصادية تنعكس خيراً على المواطن السعودي.​

هذا الحراك الكبير، وتلك المكانة المتميزة يثبتان حقيقة أن المملكة تسير في طريقها بثبات كبير لتحقيق أهدافها الواردة في رؤية المملكة 2030، التي جاءت بشارة خير لبلادنا، ونقلة حضارية هائلة، لذلك سارعت كبريات الدول الصناعية لعرض استعدادها للمشاركة في تطبيقها وإنزالها على أرض الواقع، عطفاً على ما تميزت به من تطلعات لا يحدها سقف، وطموحات تربطها بالواقع وتبعدها عن الخيال. وهكذا هي المملكة دوماً، لا تستأثر بالخير لنفسها، بل تشارك فيه الآخرين، وتمد يد العطاء لكل من حولها، وتحرص على تحقيق الإضافة المطلوبة في كل حدث تشارك فيه، ولا تكتفي بمجرد الحضور والفرجة، فالكبار يحملون هموم غيرهم ويترجمون أحلامهم ويحققون تطلعاتهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store