Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

الفضفضة.. شكل من أشكال المضمضة!

الحبر الأصفر

A A
للنَّاس آرَاء مُختَلِفَة فِي كُلّ شَيء مِن حَولِهم، وأَنَا أُحبّ هَذا الاختِلَاف الذي يَدعم الإبدَاع ويُنمِّيه.. تَجذبني هَذه الاختلَافَات البَسيطَة، مِثل رَأي البَعض حَول الفَضْفَضَة..!

هُنَاك مَن يَرون أَنَّ الفَضْفَضَة خُطوَةً سَلبيَّة للتَّعَافِي، ‏ومُبرِّرهم لذَلك أَنَّ مَن يَتحدَّث طُوَال الوَقت عَن همُومهِ، لَا يَنَال أَي فَائِدَة، إنَّه فَقَط يَتذكَّر الأمُور التي تُحزنه، وتُغضبه، وتُشعره بالتَّوتُّر.. إنَّ تذكُّر سَلبيَّات حيَاتِك، يُعطيك أَسبَاب أَكثَر كَي تَحزَن وتَغضَب حيَالهَا، ولَيس هَذا هو المَطلُوب أَبدًا..!

حِينَ تَتَّجه للفَضْفَضَة، تَذكَّر بأَنَّك أَفضَل صَديق لنَفسك، وبأَنَّ إخبَارك لآخَرين عَن مُعَانَاتك ومَشَاكِلك، لَن يُغيِّر شَيئًا؛ سوَى إحسَاسهم بالشَّفقَة عَليك، ورُبَّما بهَذا ‏الفِعل؛ تَنشُر الطَّاقَة السَّلبيَّة فِي مُحيطك..!

إنَّ الكَلِمَة التي تَقولهَا تَأسرك، والأَسرَار التي تُشَاركهَا الآخَرين، تُصبح قيُوداً لَهم عَلِيك.. لَا تُبقِ همُومك وأَحزَانك بدَاخِلك، ولَكن لَا تُعطِها للنَّاس، أَي حِينَ تُريد الفَضْفَضَة، فَضْفض لنَفسِك..!

حَسنًا.. كَيف تُفَضْفض لنَفسِك؟، إنَّ جَلسَات الاسترخَاء والتَّأمُّل تُصفِّي الذِّهن، وتَطرد الطَّاقَة السَّلبيَّة، فهي مِن الخُطوَات المُفيدَة؛ للتَّخلُّص مِن المَكبُوت فِي دَاخِلك..!

أَيضًا تَنَاوَل وَرقَة وقَلمًا، واكتُب جَميع الأَحدَاث والأَشخَاص الذين يُؤذونك، ‏إنَّ الوَرقَة والقَلَم لَن يَفشوا أَسرَارك، فتَحدَّث إليهمَا، لأنَّ ‏الكِتَابَة تَمنَحك القُدرَة عَلَى التَّفكير والمرُونَة؛ لإيجَاد الحلُول، بَدلاً مِن إقَامة حَلقَات بُكَاء ومُوَاسَاة، ومَشَاعِر الأَسَف مَع الآخَرين..!

كَمَا أَنَّ الوَقت الضَّائِع فِي التَّحدُّث والشَّكوَى للآخَرين، لَا يَعود بفَائِدَة، ولَيس كالوَقت المُنقَضِي فِي الكِتَابَة، فالكِتَابَة هي نَشَاط بَدنِي، يُعزِّز صحّة الإنسَان، ويُصفِّي ذِهنه، ويُرشده للتَّفكير السَّليم المُنظَّم..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول، تَقول العَرَب: (مَن ضَاق صَدره، اتَّسَع لِسَانه)، ولَكن احذَر أَنْ يُؤذيك هَذا الاتِّسَاع..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store