Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

حرب بلا هوادة.. على منغّصات السعادة!

الحبر الأصفر

A A
إذَا أَدرَك الإنسَان أَنَّ مِن حَقِّه أَنْ يَكون سَعيدًا، سيُكَافح بأَيديهِ وأَقدَامهِ، وبأَسنَانهِ وأَظَافِرهِ، وسيُجابه كُلّ المَصَاعِب التي تَعتَرض طَريقه، وإنْ لَم تُسَاعده هَذه اليَوميَّات فِي سَعيهِ الحَثِيث، أَو يَجد فِيهَا مَفَاهيم تُعينه عَلَى تَجَاوز المُكدَّرَات، فهي -عَلَى الأَقَل- لَن تَضع المَزيد مِن العُثرَات فِي طَريقهِ:

(الأحد): لَا عَلَاقَة بَين الثَّرَاء والسَّعَادَة.. هَذا مَا يُؤكِّده كَثيرُون، وإذَا كَان الأَمر كَذلِك، فمِن أَين تَأتِي السَّعَادَة؟.. إنَّه سُؤالٌ بَسيط، يُجيب عَنه الفَيلسُوف «جيمسون» حِينَ يَقول: (مِن السّخف، الاعتقَاد أَنَّ زِيَادة الرَّفَاه تَعنِي السَّعَادَة، السَّعَادَة تَأتِي مِن القُدرَة عَلَى الإحسَاس بعُمق، والتَّمتُّع ببسَاطة، والشّعُور بأَنَّ العَالَم لَا يَزَال فِي حَاجةٍ إِلَيك)..!

(الاثنين): هَل للإنسَان سَعَادَة وَاحِدَة، أَم سَعَادَتين؟.. وإذَا كُنَّا نَعرف السَّعَادَة الأُولَى، فأَين تَقَع السَّعَادَة الثَّانية؟.. لَن أُطيل فِي هَذا السُّؤَال، لأَنَّ الأَديب «هيجو» تَطوّع -مَشكُوراً- بالإجَابَة عَنه حِينَ قَال: (يَعيشُ المَرء بَين سَعَادَتين مِن حَاضرهِ ومُستَقبلهِ.. أَمَّا الأُولَى، فيَكفُلهَا العَدْل، وأَمَّا الثَّانيَة، فيَحرسهَا الرَّجَاء والأَمَل)..!

(الثلاثاء): يَتجَاهل الكَثير مِن الفَلَاسِفَة، عَلَاقة السَّعَادَة بالصِّحَّة، لأنَّ المَريض –غَالِباً- يُصَاب بالحُزن، ويَبتَعد عَن السّرُور، وقَد أَشَار إلَى هَذه النُّقطَة «الصحيَّة»، الفَيلسوف «هيتو باديا» ، حَيثُ قَال: (الصحَّة هي السَّعَادَة عِندَ الحيوَان النَّاطِق)..!

(الأربعاء): مِن الغَريب أَنَّ السَّعَادَة لَا جذُور لَهَا، بَينمَا الأَلَم والمَصَاعِب والمَتَاعِب؛ لَهَا جذُور يَرَاهَا النَّاس، ويُدركهَا العَارِفُون، وقَد أكَّد هَذا المَعنَى «ميخائيل نعيمة» حِينَ قَال: (جذُور اللَّذَّة فِي الأَلَم، وجذُور الأَلَم فِي اللَّذَّة، أَمَّا السَّعَادَة فلا جذُور لَهَا البَتَّة)..!

(الخميس): تَمَدُّد الرَّغبَات؛ وإطلَاق النَّفس لتُمَارس شَهوَاتهَا، أَمرٌ يُفقِد السَّعَادَة طَعْمهَا، ويَجعلهَا أَمراً رُوتينيًّا مُملًّا.. إنَّها تَمَامًا مِثل ذَلك الرَّجُل المُدخِّن، الذي كُلَّمَا اشتَهَى سِيجَارَة أَشعَلهَا، ليَتحوَّل التَّدخين –مَع الوَقت- إلَى عَادَة، ولَيس إلَى مُتعَة، وقَد سَبقنَا إلَى هَذا المَعنَى الفَيلسُوف «ميل» حِينَ قَال: (تَعلَّمتُ أَنْ أَجِد السَّعَادَة؛ فِي كَبح جمَاح الرَّغبَات)..!

(الجمعة): للمَرَّةِ الأَلف، يَربط النَّاس بَين السَّعَادَة والاستقرَار المَالي، أَو السَّكَن البَاذِخ، ولَكن هَل السَّعَادَة فِيهمَا؟.. لَن أُجيب عَن هَذا السُّؤَال، بَل سأَستَعين بصَديقٍ فَيلَسوف مِثل «سقراط»، الذي قَال لِي ذَات مَرَّة: -يا أحمد- (لَا تَبحَث عَن السَّعَادَة فِي القصُور، أَو فِي المَال)..!

(السبت): إذَا كَانَت السَّعَادَة لَيسَت فِي القصُور، ولَا فِي المَال أو الوَنَاسَة، فأَين تَقَع إذًا؟.. مِن هُنَا يَدلُّنَا الفَيلسوف «دوجلاس جيرولد»؛ عَلَى خَارِطةِ الطَّريق، قَائِلاً: (لَا تَبحَث عَن السَّعَادَة فِي الخَارِج، ابحَث عَنهَا فِي نَفسِك)..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store