Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

مملكة النور تضيء طريق المحرومين

A A
دأبت المملكة العربية السعودية منذ توحيدها على يد المؤسس المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز آل سعود على مد يد العون للشعوب العربية والإسلامية والشعوب الصديقة في شتى أرجاء المعمورة، انطلاقاً من مكانتها الإسلامية الفريدة التي اختصها بها الله سبحانه وتعالى، كحاضنة للحرمين الشريفين ومهبط للوحي، إضافة إلى تأصيل نزعة الخير في نفوس حكامها وأبناء شعبها، مما يدفعهم لإغاثة الملهوف، وإعانة المحتاج، ومساعدة الضعيف. وقد أخذت تلك المساعدات الإنسانية أشكالاً متعددة، تراوحت ما بين الدعم المادي والمساعدات العينية المباشرة للاجئين والنازحين في المخيمات، لاسيما في حالات الحروب والصراعات المسلحة التي تشهدها بعض الدول، والكوارث والأزمات الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والحرائق. ونال الجانب الصحي والطبي حيزاً كبيراً من تلك المساعدات، لأن المريض بطبيعة الحال أكثر حاجة للدعم من غيره.​

في الفترة الأخيرة ركزت المؤسسات الحكومية والخيرية السعودية اهتمامها لمساعدة الذين يعانون من أمراض العيون نتيجة للمياه البيضاء أو الزرقاء، وفي هذا الصدد تبذل اللجنة الوطنية لمكافحة العمى، وجمعية البصر العالمية، واتحاد مكافحة العمى، ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والبنك الإسلامي للتنمية، ومؤسسة البلسم الدولية وغيرها من المؤسسات جهوداً كبيرة لمساعدة المرضى في الدول الإفريقية والآسيوية ، إيماناً بأن نعمة البصر من أكبر النعم التي منَّ بها الله سبحانه وتعالى على الإنسان، وأن الأعمى يفقد كل قدرته على العمل والعطاء واكتساب القوت، بل يحتاج إلى من يرافقه بصورة مستمرة، ويصبح محتاجاً للدعم المستديم. لذلك وعد الله من يصبر على ابتلاء العمى بالأجر العميم في الآخرة.​

كذلك فإن كثيراً من حالات العمى التي يعاني منها غالبية المصابين كان يمكن تفاديها بقليل من العلاج، وبعمليات جراحية بسيطة، لكن أولئك المساكين لا يملكون في غالب الأحوال المال اللازم لإجراء تلك العمليات، أو ربما لا تتوفر في مناطقهم الريفية مقومات العناية الصحية، لذلك يصابون مع مرور الأيام بالعمى الدائم الذي يحرمهم من الاستمتاع بنعم الحياة.​

وقد اطلعت مؤخراً على تقارير أصدرها مركز الملك سلمان والبنك الإسلامي للتنمية عن القوافل الصحية التي تم تنظيمها خلال السنوات الماضية، وتابعت باهتمام كبير ردود أفعال كثير من المرضى الذين استردوا نعمة البصر بعد إجراء العمليات الطبية، وبلغ بي التأثر مبلغاً عظيماً وأنا أطالع كلماتهم التي تعبر عن فرحتهم وسرورهم، ودعواتهم لهذه البلاد المباركة بالمزيد من الخير والنماء. ومما زاد من مقدار سعادتي ذلك الكم الكبير من العمليات التي أجريت في العديد من الدول مثل اليمن والسودان ومصر وتونس والمغرب وفلسطين وبنغلاديش والسنغال وإريتريا وغيرها من الدول، والتي وصل عددها إلى مئات الآلاف من العمليات التي أعادت البصر إلى عيون أرهقها البكاء، ورسمت البسمة على شفاه أضناها العبوس، إضافة إلى إجراء الكشوفات الطبية وتوزيع النظارات الطبية على الملايين من المحتاجين.​

ومع الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها العديد من الدول التي ابتليت بالجفاف والزلازل، وعدم استقرار الأنظمة السياسية، فإن الحاجة تزداد إلى مثل هذه الأعمال الخيرية، ووسط عتمة اليأس وتزايد الفقر تطل مملكة الخير والإنسانية على العالم، كومضة أمل وبشارة خير وهي تمد يد العون للمحرومين، تداوي جراحهم وتزيل همومهم وتعينهم -بحول الله- على مواجهة المرض وقسوة الحياة، قياماً بواجبها الإنساني الذي هيأها له الله سبحانه وتعالى، وارتضت السير فيه برغبة جامحة في فعل الخير.​

هذا النوع من التواصل مع شعوب العالم، والنمط الفريد للمساعدات الإنسانية يكسب بلادنا سمعة دولية، ويرسخ صورتها في أذهان أكثر من مليار ونصف المليار مسلم موزّعين على كافة قارات العالم، ينظرون إليها على أنها زارعة الفرحة في نفوس البؤساء، وراسمة البسمة على ثغورهم، وما ذلك إلا عطفٌ على ما تقدمه لهم من دعم وعون، بدوافع إنسانية بحتة، لا تشوبها اعتبارات سياسية أو دينية أو عرقية، إنما تنطلق من خيرية إنسان هذه البلاد، الذي نشأ على القيم العربية الأصيلة، وتشبع بقيم الإسلام ومبادئه السامية، وفي مقدمتها الرحمة والشفقة والرغبة في إسعاد الآخرين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store