Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

«زامر الحي لا يشجي»

شذرات

A A
هذا المثل الشعبي المعروف جعلته تمهيداً للدخول مباشرة فيما أردت مناقشته حول العلاقة بين الوالدين وأبنائهما ، فالأب أو الأم يقوم أحدهما بتسجيل الابن أو الابنة في المدرسة التي يراها مناسبة ويختار له الأنشطة التي يراها أفضل ويقررون من هم الأشخاص المناسبون لمصادقتهم، وعندما يكون الابن صغيراً تسهل قيادته ولكن حينما يقترب من سن المراهقة فعلى الوالدين أن يدركا أن هناك احتياجات مختلفة وتغييرات سيكولوجية وبيولوجية تكون مصاحبة لهذه الفترة، فإذا كان الهدف من التربية بناء الأبناء للسمع والطاعة دون أن تكون لهم شخصياتهم المستقلة فهم يرتكبون خطأ (غير مقصود) لأن الهدف تنمية وتربية الأبناء لمواجهة الحياة والبدء في الحوار بين الوالدين والأبناء واستبعاد الأوامر وفرض السلطة، والعمل على الاحتواء بدلاً من الصدام. ولعل من الأخطاء الأكثر شيوعاً هي الإفراط في النُصح في ظل تزايد المخاطر المحدقة بهذه الفئة وغيرهم، والفضائيات معظمها في خصومة كبيرة مع الفضيلة وصداقة ملحوظة مع الرذيلة والهواتف النقالة وغيرها من الوسائل يسري عليها نفس القول، حتى المدارس تراجع دورها التربوي بشكل لافت والمعلم القدوة في انحسار ليس في التعليم العام فحسب، وأصبح من الطبيعي جداً أن تتعاظم مسئولية الأبوين -إن كانا على وفاق تام- وعليهما استشعار هذه المسئولية الضخمة التي لا يمكن التخلي عنها بأي حال وإلا فعلى المجتمع السلام.

الوالدان في حاجة ماسة إلى استخدام العصا والجزرة وفتح باب الحوار والإصغاء بإمعان إلى مطالبهم وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة وعدم الخلط بين الواجبات المنزلية والمدرسية وبين ما يخص الترفيه، وتشجيع المبادرات الفردية وإدراك مشاعرهم ورغباتهم وهم في حاجة إلى من يفهمهم بقوة وبسعة صدر ويناقشهم على قدر مداركهم ويتسامح معهم عن بعض الزلَّات. وبين مفهوم العصا والجزرة هناك أسلوب تربوي قليل الاستخدام وهو توجيه خطاب شخصي للمراهق يتم استعراض بعض الرؤى والأفكار التي يلزم المرء أن يتحلى بها ومعاتبة الابن أو الابنة والتوقعات المأمولة، ولا بأس من إعادة توجيه خطاب آخر وآخر والتذكير بأي إخفاقات وقعت والتأكيد على الرغبة في تجاوز الأخطاء والبدء من صفحة جديدة، وقد أشاد بهذه الطريقة الزميل الأستاذ جميل فارسي شيخ الجوهرجية بجدة ووجد أن لها نفعاً كبيراً.

وعوداً على بدء فلعل من المناسب عدم الإكثار في النصح ومنح بعض الأقرباء أو من يميل لهم الابن فرصة تقديم النُصح المراد استيعابه لاسيما وأنه تأكد بما لا يدعو مجالاً للشك أن زامر الحي لا يشجي، والله المستعان.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store