Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

هل أصبحت الصين القوة الأولى في العالم؟!

A A
· بغض الطرف عن غمزات وإسقاطات الرئيس (ترمب) تجاه الصين؛ وتسميته لمرض (كوفيد 19) بالفيروس الصيني، في إشارة تهكمية إلى انطلاقه من أسواق اللحوم بمدينة (ووهان) الصينية، إلّا أن النجاحات التي حققها الصينيون في محاصرة الفيروس إلى الحد الذي أصبحت معه الإصابات الجديدة (0%)، والإبهار الذي أبدوه في حربهم الخاطفة معه؛ من بناء مستشفيات في 6 أيام، إلى بروتوكولات العمل النموذجية، مروراً باستخدام مذهل للتقنية وللذكاء الاصطناعي، قد أبهرت العالم بالفعل، وحوَّلت النظرة القديمة للصين من دولة مُقلّدة؛ لايزال شعبها يقتات على الحشرات، إلى دولة متقدمة جداً، باتت تقدم الخبرات والمساعدات للعديد من دول العالم.

· لم يُخفِ الصينيون خلال العقدين الماضيين طموحاتهم من أجل التحول إلى قوة عالمية مهابة الجانب، تقف على قدم المساواة مع الكبار، لكنهم وعلى العكس من أمم طموحة أخرى، التزموا مبدأ أن الوصول إلى القمة لا يتأتى إلّا عن طريق بناء الذات أولاً، فإذا ما اكتمل البناء الداخلي فان أمر الانطلاق لتوسيع دائرة النفوذ والمصالح الخارجية سوف يغدو أمراً ممكناً وغير قابل للانتكاسات، ووفقاً لهذا المبدأ اختاروا سبيل العمل الصامت والصبر الطويل المقترن بسياسات براغماتية بعيدة عن الضجيج والتأجيج والدخول في مهاترات سياسية، حدث ذلك حتى في الأوقات التي كان يداس فيها على طرف الصين كما في حادثة ضرب قوات الناتو لمبنى السفارة الصينية في بلغراد 1999، ودخول طائرة التجسس الأميركية للمجال الجوي الصيني 2001، وحرب الرسوم الجمركية الأخيرة 2018م.

· أكثر ما زاد صورة التنين الأصفر إشراقاً في الأزمة الحالية هو السقوط المدوي لبعض الدول الأوروبية صحياً وإدارياً وسياسياً أيضاً، فالإجراءات الهشة التي تفاقمت معها أعداد المصابين بالفيروس في أميركا وبعض دول أوروبا لا تقارن أبداً ببروتوكولات العمل الصينية الجادة، أضف إلى ذلك حالة الخذلان الكبيرة التي انتابت مواطني تلك الدول، والبشرية جمعاء من بعض التصريحات لرؤساء تلك الدول، خصوصاً عندما تقارنها بالهمة والعزيمة العالية التي أبداها الرئيس الصيني في معركة بلاده مع الفيروس.. ولعل في صورة ‏الرئيس الصربي وهو يقبِّل العلم الصيني إعراباً عن شكره للصين على مساعدتها لبلاده في أزمتها مع كورونا، واستبدال بعض الإيطاليين لعلَم الاتحاد الأوروبي بالعلَم الصيني دليلٌ كافٍ على صحة ما ذهبنا إليه من بروز صورة الصين رغم أنها مصدر المرض مقابل تهاوي بعض الديموقراطيات الرأسمالية القديمة التي يبدو أنها انشغلت بالبورصات والمال عن الإنسان نفسه.

· لم يعد التاريخ ولا حتى القوة العسكرية هي المعيار الوحيد لقياس قوة الأمم وعظمتها.. فجودة النظام الاقتصادي والتعليمي والصحي، وقوة وثبات أنظمتك الوقائية، وتماسك المظلة الاجتماعية هي المقاييس الحقيقية لتقدم الأمم وتأخرها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store